ولشكيب أرسلان (١) من مطلع قصيدة له :
أَمَعلَمُها بَينَ العَذيبِ وَبارِقِ |
|
تَغَزَّلتُ مِن غَزلانِهِ بِالحَقائِقِ |
فَدَيتُكَ رَبعاً قَد تَرَحَّلَ آلَهُ |
|
بِكُلِّ إِمامٍ لِلمَآثِرِ سابِقِ |
قال الهروي في الإشارات (٢) : العذيب : موضع ينزل به الحاج ، به قبر الحصين بن وحوح ، ومسجد سعد بن أبي وقّاص ، وهناك بركة أمّ جعفر في طريق مكّة بين المغيثة والعذيب (٣). ذكر أرباب التاريخ ، قالوا : وبالعذيب لقى المختار بن أبي عبيدة الثقفي (رحمه الله) (٤) لاقياً حين توجّه إلى الكوفة من الحجاز ، فقال له المختار أخبرنا عن الناس ، فقال : تركت الناس كالسفينة تجول بلا ملاّح لها ، فقال المختار : أنا ملاّحها الذي يقيمها (٥). وفي العذيب كانت مسلحة. قال البلاذري (٦) ، عن يزيد بن نبيشة العامري ، قال : قدمنا العراق مع خالد بن الوليد فانتهينا إلى مسلحة العذيب. قال أبو عبد الله السكوني : العذيب يخرج من قادسية الكوفة إليها ، وكانت مسلحة للفرس ، بينها وبين القادسية حائطان متّصلان بينهما نخل ، وهي ستة أميال ، فإذا خرجت منه دخلت البادية إلى مغيثة. وكتب عمر بن الخطاب
__________________
(١) من ديوانه المطبوع بمطبعة النار ـ مصر ـ ١٣٥٤ هـ.
(٢) انظر علي بن أبي بكر الهروي ـ الإشارات ـ طبع دمشق.
(٣) انظر ياقوت الحموي ـ المشترك ـ ص ٥٣ ، طبع غوتنجن ألمانيا.
(٤) هو أبو إسحاق المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، كان شجاعاً مقداماً ، عالماً مفكّراً ، ومن الثائرين على بني اُميّة. حبسه ابن زياد بالكوفة ، وذلك قبل أن يصل الحسين إلى العراق ، وبقي في السجن حتّى قُتل الحسين (عليه السّلام) ، فشفع فيه عبد الله بن عمر بن الخطاب زوج اُخته صفية لدى يزيد بن معاوية ، فأُطلق من السجن بأمر من يزيد ، ثمّ نهض بالكوفة مشمّراً عن ساعده على الحكم الأموي ، واجتمع عليه أهل الكوفة وبايعوه ، فاستتب له الأمر ، وذلك لمّا استولى على الكوفة وضواحيها. ثمّ امتلك الموصل وعظم شأنه ، وراح يطلب بثأر الحسين ، وقتل جلّ مَنْ حضر الطفّ ، وهدم دورهم ، وجدّ مصعب بن الزبير في خضد شوكته فقاتله ، ونشبت الحرب بينهما أسفرت عن قتل المختار (رحمه الله) سنة ٦٧ هـ.
(٥) انظر ابن سعد ـ الطبقات الكبرى ـ ج ٥ ص ٧١ ، طبع ليدن.
(٦) انظر البلاذري ـ فتوح البلدان ـ ص ٢٤٥.