بعدها الوقعة الميمونة ، وفتح الله على المسلمين (١). وقال ابن جبير (٢) يصف الثعلبية : ولها مبنى شبه الحصن خرب لم يبقَ منه إلاّ الحلق ، وبإزائه مصنع عظيم كبير الدور من أوسع ما يكون من الصهاريج وأعلاها ، والمهبط إليه بأدراج كثيرة من ثلاث جهات ، وكان فيه من ماء المطر ما عمّ جميع المحلّة ، ووصل إلى هذا الموضع جمع كثير من العرب رجالاً ونساءً ، واتّخذوا به سوقاً عظيمة حفيلة للجمال والكباش ، والسمن واللبن وعلف الإبل ، فكان يوم سوق نافقة. وفي المخطوط : حدّث عبد الله بن عمرو قال : حدّثني عبّاد بن إبراهيم بن إسماعيل بن عطا الثعلبي قال : سمعت حازم بن محراس يخبر عن أبيه : أنّ رجلين مرّا فاستسقى أحدهما فلم يسقَ ، فلمّا جازا قال أحدهما للآخر : والله ، لو سقوني لدللتهم على ماء لا ينزف. قال : فسمعها عقبة بن سهل من بني ثعلبة بن مالك ، وكان يقال له : العوّاء ؛ وذلك إنّه عوى عليها حين أُخذت منه. وهو الذي سمّى الأسامي فيها من جمادها وشعابها وأوديتها ، وإنّ مالكاً كان في منزل يُقال له : الطريقين ، من الثعلبية على ميلين ، وهي على غير منقب ـ ومنقب : الطريق ـ وكان في غنمه ، فورد عليه رجلان من الشمامين وطلبا السقي ، فتثاقل عنهما ، ومضيا حتّى إذا كانا بالسامة من وراء الجبل ، والجبل رمل وراه شقيقة جلد ، قال أحدهما للآخر : لو سقانا لدللناه على ماء لا ينزف. وكان منخرق السمع ، فسمعهما وهو على ثلاثة أميال ، فلحقهما بأداوة من ماء ، فاعتذر إليهما وسقاهما ، فأخبراه عن الثعلبية ، ووصفا له الوادي ، وقالا`له : عليك بلسان الطريق فاحتفر فيه. فأوّل ما حفر فيه (الزوراء) من ذلك حتّى أنبط الماء ـ والزوراء وراء الحصن ـ ثمّ حفر (الجوفاء) ، ثمّ حفر (العسيل) التي إلى جانب عسيلة أبي جعفر ، ثم حفر (الحلقا) ، ويُقال : إنّ الذي حفر العسيلة هو أبو جعفر بعد ذلك ، وحفر أهل بيت عتبة بنو سريح وبنو عويمر أكثر من أربعمئة ركية ، وانتقل عقبة إلى الرقة. وعسيلة أبي جعفر هي أطيّب ركية بالثعلبية ، وذكروا إنّ الثعلبية كانت ذات شجر ، ولم يكن بها ماء ، وكانت لبني ثعلبة بن مالك بن
__________________
(١) انظر البلاذري ـ فتوح البلدان ـ ص ٢٥٥.
(٢) انظر رحلة ابن جبير ص ١٦٣.