دلّ ذلك على أن الألف فيه ليست بدلا من الأصل ، وإنما هي بدل من بدل من الأصل ، فجرى ذلك مجرى التاء في القسم ، لأنها بدل من الواو فيه ، والواو فيه بدل من الباء ، فلما كانت التاء بدلا من بدل ، وكانت فرع الفرع ، اختصت بأشرف الأسماء وأشهرها ، وهو اسم الله ، فلذلك لم يقل تزيد ولا تالبيت ، كما لم يقل آل الإسكاف ولا آل الخياط.
فإن قلت : فقد قال بشر (١) :
لعمرك ما يطلبن من آل نعمة |
|
ولكنما يطلبن قيسا ويشكرا (٢) |
فقد أضافه إلى نعمة ، وهي نكرة غير مخصوصة ولا مشرّفة ، فإن هذا بيت شاذّ ، والذي عليه العمل ما قدمناه ، وهو رأي أبي الحسن (٣) ، فاعرفه.
فإن قيل : ألست تزعم أن الواو في والله بدل من الباء في بالله ، وأنت لو أضمرت لم تقل : وه لأفعلنّ كما تقول : به لأفعلنّ. وقد تجد أيضا بعض البدل لا يقع موضع المبدل منه في كل موضع ، فما تنكر أيضا أن تكون الألف في آل بدلا من الهاء ، وإن كان لا يقع جميع مواقع أهل؟
فالجواب أن الفرق بينهما أن الواو لم تمتنع من وقوعها في جميع مواقع الباء ، من حيث امتنع وقوع «آل» في جميع مواقع «أهل» ، وذلك أن الإضمار يردّ الأشياء إلى أصولها في كثير من المواضع ، ألا ترى أن من قال : أعطيتكم درهما ، فحذف الواو التي كانت بعد الميم ، وأسكن الميم ، إذا أضمر الدرهم قال : أعطيتكموه ، فردّ الواو لأجل اتصال الكلمة بالمضمر.
__________________
(١) البيت لبشر بن أبي حازم ، وهو شاعر جاهلي ، ولم نجد البيت فيما عرفناه من شعره.
(٢) لعمرك : أسلوب قسم. آل : أهل. الشرح : يقسم الشاعر بعمر من يحدثه بأن القوم لا يطلبون شيئا من آل نعمة وإنما بغيتهم عند قيس ويشكر والشاهد فيه قوله : «آل نعمة» فقد أضاف «آل» التي هي للتشريف إلى نعمة مع أنها نكرة غير مخصوصة ولا مشرفة ، وقد حكم المؤلف على ذلك بالشذوذ. إعراب الشاهد : آل : اسم مجرور. نعمة : مضاف إليه.
(٣) أبو الحسن الأخفش نحوي بصري.