فهذا كله يؤكد عندك أن امتناعهم من استعمال آل في جميع مواقع أهل ، إنما هو لأن الألف فيه كانت بدلا من بدل ، كما كانت التاء في القسم بدلا من بدل ، فاعرفه ، فإن أصحابنا لم يشبعوا القول فيه ، على ما أوردته الآن ، وإن كنا بحمد الله بهم نقتدي ، وعلى أمثلتهم نحتذي.
والذي يدلّ على أن أصل آل أهل ، قولهم في التحقير أهيل ، ولو كان من الواو لقيل أويل ، كما يقال في الآن الذي هو الشخص أويل ، ولو كان أيضا من الياء لقيل أييل.
فأما قولهم رجل تدرأ (١) وتدره للدافع عن قومه ، فليس أحد الحرفين فيهما بدلا من صاحبه ، بل هما أصلان ، يقال درأ ودره ، قال كثيّر :
درهت على فرّاطها فدهمتهم |
|
بأخطار موت يلتهمن سجالها (٢) |
فهذا كقولك أقدمت واندفعت ، وقال بعضهم في قول الشاعر (٣) :
فقال فريق أا إذا إذ نحوتهم |
|
وقال فريق لا يمن الله ما ندري (٤) |
قالوا : أراد أهذا ، فقلب الهاء همزة ، ثم فصل بين الهمزتين بالألف.
__________________
(١) تدرأ : يقال رجل تدرأ أي مدافع عن قومه. مادة (درأ). اللسان (٢ / ١٣٤٧).
(٢) دره على القوم ودرأ : إذا هجم عليهم على حين غفلة. اللسان (٢ / ١٣٦٩). والفراط : جمع فارط ، وهو السابق إلى الماء بإبله ليوردها. اللسان (٥ / ٣٣٩٠). وأخطار الموت : كناية عن الإبل القوية العطاش ، تهجم على الحوض ، فتحطم ما يصادفها من حيوان وغيره. والسجال : جمع سجل ، وهو الدلو الضخمة المملوءة ماء. اللسان (٣ / ١٩٤٥). والشاهد في قوله : «درهت» فقد جاء الفعل بالهاء وهي فيه أصل كالهمزة تماما في «درأ».
(٣) قائل البيت هو نصيب أحد الشعراء الإسلاميين ، اشتهر بحب امرأة تدعى زينب وبها نسب ، وأكثر من الغزل فيها.
(٤) الشاهد في قوله : «أا أذا» أراد «أهذا» فقلب الهاء همزة ثم فصل بين الهمزتين بالألف كما ذكر المؤلف. إعراب الشاهد : الهمزة : حرف استفهام. هذا : اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ.