فالجواب : أنه إنما ضمّ هذا ، لأجل أن الأصل اغزوي واغدوي ، ثم اعتلّت الواو ، فحذفت ، ووليت الياء الزاي والدال ، فانكسرتا من أجلها ، فإنما الضمة في الهمزة مراعاة للأصل ، كما تقول في الصحيح : اقتلي ، ادخلي ، اخرجي.
فإن قلت : فلم كسرت الهمزة في نحو : ارموا اقضوا ، اشروا (١) ، والثالث مضموم.
فالجواب هنا كالذي قبله ، وذلك أن أصل هذا : ارميوا ، اقضيوا ، ثم حذفت الياء وانضم ما قبلها ، فبقيت الهمزة هنا مكسورة ، كما بقيت فيما قبل مضمومة.
فأما لام التعريف فالهمزة معها مفتوحة ، وذلك لأن اللام حرف ، فجعلوا حركة الهمزة معها فتحة ، لتخالف حركتها في الأسماء والأفعال.
فأما ايمن في القسم ، ففتحت الهمزة فيها ، وهي اسم ، من قبل أن هذا اسم غير متمكن ، ولا يستعمل إلا في القسم وحده ، فلما ضارع الحرف بقلة تمكّنه ، فتح تشبيها بالهمزة اللاحقة لحرف التعريف ، وليس هذا فيه إلا دون بناء الاسم ، لمضارعته الحرف ، وأيضا فقد حكى يونس : ايم الله ، بالكسر ، فقد جاء فيه الكسر أيضا كما ترى.
ويؤكد عندك أيضا حال هذا الاسم في مضارعته الحرف ، أنهم قد تلاعبوا به وأضعفوه ، فقالوا مرة ايمن الله ، ومرة ايم الله ، ومرّة ايم الله ، ومرة م الله ، ومرة م الله (٢). وقالوا : من ربّي ، ومن ربّي ، فلما حذفوا هذا الحذف المفرط ، وأصاروه من كونه على حرف واحد إلى لفظ الحروف ، قوي شبه الحرف عليه ، ففتحوا همزته ، تشبيها بهمزة لام التعريف.
فأما العلة التي لها سكنت أوائل الأسماء والأفعال ، حتى احتيج لذلك إلى همزة الوصل ، فقد ذكرتها في كتابي في شرح تصريف أبي عثمان رحمه الله.
وقد زيدت الهمزة في الخطاب نحو قولك للرجل هاء ، وللمرأة هاء وسيأتيك هذا في باب الكاف مفصلا إن شاء الله.
__________________
(١) اشروا : من شرو ، أي باع. مادة (شرو). اللسان (٤ / ٢٢٥٢).
(٢) زاد اللسان فيما نقله عن المؤلف : «م الله» بفتح الميم.