أولا ترى أنّ أبا عثمان قال في قول الآخر (١) :
ولاعب بالعشيّ بني بنيه |
|
كفعل الهرّ يحترش العظايا |
فأبعده الإله ولا يؤبّى |
|
ولا يسقى من المرض الشّفايا (٢) |
(وأخذه عليّ أبو عليّ وقت قراءتي تصريف أبي عثمان عليه ، فقال : ولا يشفى) (٣) إنه شبه ألف النصب في العظايا (٤) والشّفايا ، بهاء التأنيث في نحو : عظاية وصلاية (٥). يريد أبو عثمان أنه صحح الياء وإن كانت طرفا ، لأنه شبه الألف التي تحدث عن فتحة النصب بهاء التأنيث في نحو : عظاية وعباية ، فكما أن الهاء فيهما صححت الياء قبلها ، فكذلك صححت ألف النصب في العظايا والشفايا الياء التي قبلها ، وهذا ونحوه مما قال سيبويه فيه : «وليس شيء مما يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجها. وإذا جاز أن يشبّه هاء «وبعدمه» بتاء التأنيث ، حتى يقال فيها : «وبعدمت» جاز أن تشبه هاء العاطفونه اللاحقة لبيان حركة النون ، بهاء التأنيث ، فيقال : العاطفونة ، وفتحت التاء كما فتحت في آخر ربّت وثمّت (٦) وكيت وذيت ، فهذا أحد القولين في العاطفونه.
__________________
(١) هذان البيتان لأعصر بن سعد بن قيس عيلان ، واسمه منبه بن سعد ، وهو أبو غني وباهلة والطفاوة.
(٢) يحترش : يتعرض لها ليهيجها فتخرج. والعظايا : السحلية. الشرح : حين يكبر المرء في العمر يكرهه من يحيطون به ويتمون لو سقوه سما كي يتخلصوا منه الشاهد في الأبيات : أنه شبه ألف الإطلاق ، بهاء التأنيث في أنها جعلت الياء في «عظاي» و «شفاي» ليست ظرفا فلم تقلب همزة وثبتت على أصلها. إعراب الشاهد : العظايا : مفعول به منصوب بالمفعولية. الشفايا : نائب فاعل مرفوع.
(٣) العبارة التي بين القوسين : جملة معترضة بين قول أبي عثمان المازني ومقولة ذكرها ابن جني ليبين ما أخذه عليه أبو علي في روايته. «ولا يسقي» بالسين المهملة والقاف المعجمة باثنتين ، وصححها أبو علي بالشين المعجمة ، والفاء.
(٤) العظايا : اسم جنس جمعي ، واحده العظاءة ، وهي دويبة على خلقة سام أبرص ، أكبر منه قليلا. مادة (ع ظ ي) اللسان (٤ / ٣٠٠٦).
(٥) صلاية : مدق الطيب ، ويقال : صلاءة. مادة «ص ل ا». اللسان (٤ / ٢٤٩٢).
(٦) ثمت : أصلها «ثمّ» حرف عطف يفيد التراخي.