ذلك ، في أنه دلالة على الخطاب فقط ، مجرّدة من كونها علامة للضمير ، ولا يجيز أبو الحسن فيما حكيّ عنه إياك وإيّا زيد ، وإيّاي وإيّا الباطل.
انتهت الحكاية عن أبي علي.
وقال سيبويه : حدثني من لا أتّهم عن الخليل : أنه سمع أعرابيا يقول : إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشّوابّ.
وحكى سيبويه أيضا عن الخليل أنه قال : لو أن قائلا قال : إيّاك نفسك لم أعنّفه (١).
وحكى ابن كيسان قال : قال بعض النحويين : «إيّاك» بكمالها : اسم. قال : وقال بعضهم : الياء والكاف والهاء هي الأسماء ، وإيا عماد لها ، لأنها لا تقوم بأنفسها.
قال : وقال بعضهم : إيا : اسم مبهم ، يكنى به عن المنصوب ، وجعلت الهاء والياء والكاف بيانا عن المقصود ، ليعلم المخاطب من الغائب ، ولا موضع لها من الإعراب ، كالكاف في ذلك وأرأيتك. وهذا هو قول أبي الحسن الأخفش. قال : وقال بعضهم : الهاء والكاف والياء في موضع خفض.
قال : والدليل على هذا قول العرب : إذا بلغ الرجل الستين فإيّاه وإيّا الشّوابّ.
وهذا قول الخليل ، واحتجّ ابن كيسان في هذا الفصل بحجاج لا غرض لنا في ذكره ، وإنما أوردنا ما حكاه ، لنتبعه من القول فيه ما تراه.
وقال أبو إسحاق الزّجاج : الكاف في إياك في موضع جرّ بإضافة إيا إليها ، إلا أنه ظاهر يضاف إلى سائر المضمرات ، ولو قلت : إيا زيد حدّثت كان قبيحا ، لأنه خصّ به المضمر ، وحكى ما رواه الخليل من إيا الشّوابّ.
وتأملنا هذه الأقوال على اختلافها ، والاعتلال لكل قول منها ، فلم نجد فيها ما صيحّ مع الفحص والتنقير (٢) ، غير قول أبي الحسن الأخفش.
__________________
(١) أعنفه : أعنف به وعليه أي أخذه بشدة وقسوة. مادة (ع ن ف) اللسان (٤ / ٣١٣٢).
(٢) التنقير : نقر عن الأمر تنقيرا ونقرا : أي بحثه وبحث عنه. اللسان (٦ / ٤٥٢٠).