فكذلك «إيا» هو الاسم ، والكاف بعدها حرف خطاب ، أولا تراك تقول : إياك وإياكما وإياكم ، كما تقول : أنت وأنتما وأنتم.
وأمّا من قال : إن الكاف والهاء والياء في إياك وإياه وإياي هي الأسماء ، وأن «إيا» إنما عمدت بها هذه الأسماء لقلتها ، فغير مرضيّ أيضا ، وذلك أن إيا في أنه ضمير منفصل ، بمنزلة أنا وأنت ونحن ، وهو وهي ، في أن هذه مضمرات منفصلة.
فكما أنّ أنا وأنت ونحوهما مخالف للفظ المرفوع المتصل ، نحو التاء في قمت والنون والألف في قمنا ، والألف في قاما ، والواو في قاموا ، بل هي ألفاظ أخر غير ألفاظ الضمير المتصل ، وليس شيء منها معمودا به شيء من الضمير المتصل ، بل هو قائم بنفسه ، فكذلك «إيا» اسم مضمر منفصل ، ليس معمودا به غيره ، وكما أن التاء في «أنت» وإن كانت بلفظ التاء في : قمت ، فليست اسما مثلها ، بل الاسم قبلها هو «أن» ، وهي بعده للخطاب ، وليست «أن» عمادا للتاء ، فكذلك «إيا» هي الاسم ، وما بعدها يفيد الخطاب تارة ، والغيبة تارة ، والتكلّم أخرى ، وهو حرف ، كما أن التاء في أنت حرف ، وغير معمودة بالهمزة والنون من قبلها ، بل ما قبلها هو الاسم ، وهي حرف خطاب ، فكذلك ما قبل الكاف في إياك اسم ، وهي حرف خطاب ، فهذا هو محض القياس (١).
وأما قول أبي إسحاق إن «إيا» اسم مظهر خصّ بالإضافة إلى المضمر ، ففاسد أيضا ، وليس «إيّا» بمظهر كما زعم ، والدليل على أن إيا ليس باسم مظهر اقتصارهم به على ضرب (٢) واحد من الإعراب ، وهو النصب ، كما اقتصروا بأنا وأنا ونحوهما على ضرب واحد من الإعراب ، وهو الرفع.
فكما أنّ أنا وأنت وهو ونحن وما أشبه ذلك أسماء مضمرة ، فكذلك «إيا» اسم مضمر ، لاقتصارهم به على ضرب واحد من الإعراب ، وهو النصب ، ولم نعلم اسما مظهرا اقتصر به على النصب البتة ، إلا ما اقتصر به من الأسماء على الظرفية ، وذلك نحو : ذات مرّة ، وبعيدات بين ، وذا صباح ، وما جرى مجراهن.
__________________
(١) محض القياس : أي قياس لا يخالطه شائبة.
(٢) ضرب : نوع وصنف.