وشيئا من المصادر نحو : سبحان الله (١) ، ومعاذ الله ، ولبيّك (٢) ، وليس إيا ظرفا ولا مصدرا فيلحق بهذه الأسماء.
فقد صحّ إذن بما أوردناه سقوط هذه الأقوال ، ولم يبق هنا قول يجب اعتقاده (٣) ، ويلزم الدخول تحته ، غير قول أبي الحسن إنّ «إيا» اسم مضمر ، وإن الكاف بعده ليست باسم ، وإنما هي للخطاب بمنزلة كاف ذلك ، وأرأيتك ، وأبصرك زيدا ، وليسك عمرا ، والنّجاءك.
فإن قال قائل : فإذا كانت الكاف ليس اسما في إياك ، فكيف يصنع أبو الحسن بقولهم إياه وإياي ، ولا كاف هناك ، وإنما هناك هاء وياء ، ولم نرهم جرّدوا الهاء ولا الياء في نحو هذا من مذهب الاسمية ، وأخلصوهما حرفين ، كما فعلوا ذلك بكاف ذلك وهنالك؟
فالجواب أنه لا يمتنع أن يكون الهاء والياء في إياه وإياي وتثنيتهما وجمعهما حروفا ، كما كانت الكاف في إياك حرفا ، أن يكون ما بعد «إيا» إنما اختلف لاختلاف أعداد المضمرين وأحوالهم ، من الحضور والمغيب ، ولسنا نجد حالا سوّغت هذا المعنى للكاف ، وانكفّت عن الهاء والياء ، ويؤكد أيضا صحة هذا المذهب عندك ، أنّا قد وجدنا غير الكاف لحقه من سلب الاسمية عنه ، وإخلاصه للحرفية ، ما لحق الكاف ، وهو التاء في أنت ، والألف في قول من قال : قاما أخواك ، والواو فيقول من قال : قاموا إخوتك ، والنون في قول من قال : قمن الهندات ، ألا ترى أن من قال أخواك قاما ، فالألف عنده علامة الضمير والتثنية ، وإذا قال : قاما أخواك ، فالألف تفي قاما إنما هي مخلصة لمعنى التثنية ، مجردة من مذهب الاسمية ، لامتناع تقدم المضمر ، وخلوّ الفعل من علم الضمير ، بارتفاع الاسم الظاهر بعده.
__________________
(١) سبحان الله : كلمة تنزيه والمقصود نزهه وقدسه. إعرابها : سبحان : مفعول مطلق منصوب ، وهو من المصادر المضافة. الله : لفظ الجلالة : مضاف إليه وهو بدل من اللفظ بالفعل.
(٢) لبيك : أي إجابة لك ولزوما لطاعتك ، وهي قولة الحاج إذا لبى.
(٣) اعتقاد : اعتقد اعتقادا : أي صدق وعقد على الأمر قلبه وضميره. اللسان (٤ / ٣٠٣٠).