لبناء «حاشا» ، لشبهها بـ «حاشا» الحرفيّة. وزعم بعضهم أنها اسم فعل ماض بمعنى :«تبرّأت» ، أو «برئت» ، وحامله على ذلك بناؤها ، ويردّه إعرابها في بعض اللغات.
الثالث : أن تكون للاستثناء ؛ فذهب سيبويه وأكثر البصريّين إلى أنها حرف دائما بمنزلة «إلّا» لكنها تجرّ المستثنى ، وذهب الجرميّ
______________________________________________________
لبناء حاشى لشبهها بحاشا الحرفية) لفظا ومعنى ، أما لفظا فظاهر وأما معنى فلأن الحرفية للاستثناء ، فهي لإخراج مجرورها مما قبلها ، أو التنزيهية لتنحية ما بعدها عن السوء وإبعاده منه ، وهو شبيه بمعنى الإخراج ، ولا يريد المصنف لشبهها بحاشا الحرفية في اللفظ فقط ؛ لأن ذلك بمجرده غير كاف في البناء ألا ترى أن إلى بمعنى النعمة مشابه في اللفظ لإلى الحرفية ، ومع ذلك لم تبن ؛ لانتفاء كمال المشابهة ؛ لفقد الشبه المعنوي.
(وزعم بعضهم أنها اسم فعل معناه أتبرأ أو برئت) وأظنه أراد بهذا البعض ابن الحاجب ؛ فقد وقع له في شرح «المفصل» عند تفسير الزمخشري لحاشا الله ببراءة الله أن قال : والأولى أن يقال : إنه اسم من أسماء الأفعال كأنه بمعنى برىء الله من السوء ، ودخول اللام في فاعله كدخول اللام في هيهات هيهات لما توعدون ، ولعله ـ يعني الزمخشري ـ لم يقصد إلا اسم الفعل ، وفسره بالمصدر ؛ لكونه اسما فقصد إلى تفسيره باسم ، ولذلك نصب براءة ولا ينصب إلا بفعل مقدر فكان المعنى برىء الله ، وحاصله التفسير بالفعل وإذا فسر بالفعل فهو اسم فعل ، هذا كلامه ، فإن كان المصنف أراده فابن الحاجب لم يقل : إن حاشا اسم فعل معناه أتبرأ أو برئت ، وإنما قال : بمعنى تبرأت ؛ لأنه يرى أن اسم الفعل ما كان بمعنى الأمر أو الماضي ولا يكون عنده بمعنى المضارع أصلا ، وفي المسألة خلاف ، (وحامله على ذلك) الذي ادعاه من كونها اسم فعل (بناؤها) وفيه نظر إذ لا يلزم من كون الكلمة مبنية كونها اسم فعل ، حتى يكون بناء هذه الكلمة حاملا على القول بأنها اسم فعل ، (ويرده إعرابها في بعض اللغات) ؛ لأنه لا شيء من أسماء الأفعال بمعرب ، وكأن المصنف أراد ببعض اللغات التي أعربت حاشا فيها اللغة التي جاءت عليها قراءة حاشا لله بالتنوين ؛ فإنه معرب منصوب مثل تنزيها ، وتنوينه تنوين تمكين ، وفيه نظر ؛ لجواز أن يكون مبنيا وتنوينه تنوين تنكير ، ومثله ليس بعزيز في أسماء الأفعال.
(الثالث) من أوجه حاشا (أن تكون للاستثناء ، فذهب سيبويه وأكثر البصريين إلى أنها حرف ، وأنها بمنزلة إلا لكنها تجر المستثنى) حيث يكون الاستثناء فيما ينزه عنه المستثنى ، كقولك : ضربت القوم حاش زيد ولذلك لا يحسن ضل الناس حاش زيد ، لفوات معنى التنزيه ، كذا قال ابن الحاجب : وبه يتقوى الشبه بين حاشا التنزيهية وحاشا الحرفية ، (وذهب الجرمي)