منهما التقليل.
ومن الثاني قول أبي طالب في النبي صلىاللهعليهوسلم [من الطويل] :
٢٠٨ ـ وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة للأرامل |
______________________________________________________
منهما) بضمير الاثنين أي : من التخويف والافتخار (التقليل) ، وأقول : الافتخار بالقليل قد يقع لا من حيث قلته بل من حيث كونه عزيز المثال ، لا يوصل إليه إلا بشق الأنفس فالظفر به مع هذه الحالة يناسب الافتخار ، وحينئذ فقول المصنف : إن التقليل لا يناسب الافتخار إن قصده كليا منعناه ، وإن قصده جزئيا باعتبار البيتين اللذين أنشدهما وأمثالهما فلا تعقب عليه ، إذ ما وقع به الافتخار في البيت الأول هو لهوه بامرأة جميلة ، وما افتخر به صاحب البيت الثاني هو إيفاؤه في جبل عال ورفع ريح الشمال لثوبه ، وكل مما في الأول والثاني ليس أمرا عزيز المثال لا يحصل إلا بشق النفس ، والافتخار بمثل ذلك لا يكون إلا بالكثرة ولا يكون بمجرد الحصول في الجملة.
(ومن الثاني) وهو ورودها للتقليل (قول أبي طالب في النبي صلىاللهعليهوسلم :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة للأرامل) (١) |
وهذا مبني على أن أبيض مجرور برب مضمرة ، والظاهر أنه منصوب معطوف على المنصوب المتقدم في قوله قبل هذا البيت :
وما ترك قوم لا أبالك سيدا |
|
يحوط الزمار غير ذرب مواكل |
وهو من عطف الصفات التي موصوفها واحد ، فلا يكون مما المصنف بصدده ويحوط يكلأ ويرعى ، والذمار بكسر الذال المعجمة ما يحق عليه حمايته ، والذرب بذال معجمة فراء فموحدة على زنة كتف سكنت راؤه تخفيفا وهو الحاد ، والمواكل المتكل على أصحابه ، ويستسقى مبني للمفعول وثمال وعصمة منصوبان ويجوز رفعهما على أنهما خبرا محذوف ، والثمال بكسر المثلثة الذي يكفي الناس بأفضاله ، والعصمة ما يعتصم به أي : يتمسك ويمتنع ، والأرامل جمع أرمل وأرملة ، قال ابن السكيت : الأرامل المساكين من رجال ونساء ، قال : ويقال لهم وإن لم يكن فيهم نساء ، وقد يقال : الاستقساء إنما كان بعد الهجرة فما معنى قول أبي طالب يستسقى الغمام بوجهه ، وجوابه أن الخطابي روى بسنده خبرا فيه أن قريشا تتابعت عليهم
__________________
(١) تقدم تخريجه.