(وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ)
انه شر عظيم ، ولكنه ـ بالرغم من ذلك ـ اختبار (بلاء) يمكن ان يتمخض عن ارادة قوية في التحدي والصمود ، وبالتالي في التحرر الحقيقي.
[٥٠] ولكن لم يستطع بنوا إسرائيل الخلاص من كل تلك المأساة الا بفضل الرسالة الإلهية ، إذ جاءت ، ووحدتهم ، وأنقذتهم من ويلات الطغاة.
(وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).
وكم هي رائعة ان ينظر المحروم الى جلّاده : تتقاذفه أمواج البحر ، جزاء على جرائمه.
[٥١] الطاغوت انتهى ولكن آثار سيطرته لم تزل كامنة في النفوس ، وبارزة في التصرفات ، متمثلة في حالة الاستسلام والهزيمة النفسية والتعّود على الخضوع. من هنا تركهم قائدهم ومنقذهم عدة أيام ، فلمّا عاد إليهم فاذا بهم يسجدون للعجل. لأنهم لا يزالون عبيدا في نفوسهم بالرغم ، من تحررهم الظاهر. هؤلاء كانوا بحاجة الى ثورة ثقافية قوية تحرر نفوسهم من الذل والخنوع. كما كانوا بحاجة الى ثورة اجتماعية تخلصهم من عبودية الرأسمالية العفنة التي كانت مرتبطة بنظام فرعون الطاغوتي. وكانوا أيضا بحاجة الى ثورة علمية ترفعهم عن حضيض الماديات ، الى عالم التوحيد الخالص. ثم انهم يحتاجون الى ثورة عمرانية تهديهم الى بناء المدن وزراعة الأرض.
وفيما يلي نجد كيف ان رسالة الله فجرّت هذه الثورات في واقع بني إسرائيل حتى استطاعوا بناء امة مجيدة.
الف : ذهب موسى الى طور سيناء ، ليتلقى الوحي فلما عاد وجد قومه في نكسة جاهلية.