الاختلافات المتجذرة في نفوسهم ، كانت تهددهم بالانحراف مرة اخرى وتحطيم حضارتهم.
بيد انهم أصروا على ذلك فلما (هبطوا مصرا) عادت إليهم سلبيات الحضارة كما يحدثنا عنها القرآن.
(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ)
فهبطوا مصرا وشاعت في أنفسهم صفات الجبن واللاثقة والفردية ، وفقدوا الروح العسكرية التي اكتسبوها في الصحراء وكانت النتيجة ..
(وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ)
ومع العبودية السياسية تأتي العبودية الاقتصادية. إذ لا يستعبد الطغاة الناس الا لكي يستثمروا طاقاتهم ، ويستفيدوا من خيراتهم. فضربت عليهم المسكنة أيضا.
(وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ)
حتى كادوا يفقدوا قوتهم اليومي. ولكن لماذا؟ لأنهم كفروا بمنهج الله في الحياة وتركوا الالتفاف حول رسالتهم ، والانتماء إليها ، دون الانتماء الى العنصريات المقيتة. وتركوا الاهتمام بتعاليم الدين في العمل الصالح والتعاون عليه ، والجهاد من أجل الدين.
وزادوا ضعفا واستسلاما حين حوّلوا عنفهم الى الداخل ، فأخذوا يصفّون العناصر الخيرة فيهم ، ويقتلون الأنبياء لأنهم يأمرونهم بالعودة الى رسالتهم.