فاذا كان منشأها المصلحة وحب الذات وهوى النفس الذي يتحول الى اماني ويفسر الكتاب عليها ثم يتحول الى خيال وتصور وظن ، فان درجة الثقة بها حتى ولو بلغت حد القطع فانها لا تسوى شيئا لأنها ليست ناشئة من العلم ، والمنهج الصائب للمعرفة ، انما هي ناشئة من التمنيات والأحلام والتخيلات والظنون.
يبقى ان نتساءل عن العلاقة بين الظن والتقليد حيث جاء في حديث شريف ان المراد من الظن هو التقليد.
والجواب : ان الحديث انما هو عن الأميين الذين هم العوام الذين يقلدون كبراءهم ولعله لهذه المناسبة فسرّ الظن هنا بالتقليد ، كما ان السياق القرآني يحدثنا في ايات اخرى عن أولئك الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله.
وقد قوبل الظن بالعلم في القرآن قال سبحانه وتعالى : «قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا ، إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ» (١٤٨ / الأنعام)
كما أكّد القرآن : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) فقال سبحانه وتعالى : «وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ» (٣٦ / يونس)
بينما يمتدحه في سياق الحديث عن الآخرة. فيقول ربنا سبحانه وتعالى :
«الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ» (١٥٦ / البقرة)
فيكف يمدح الظن حينا ويذمه أحيانا؟
جاء في حديث شريف :
«الظن ظنان ، ظن شك وظن يقين ، فما كان من امر المعاد فهو ظن يقين ، وما