وبذلك ينمّي عنده موهبة الارادة. ذلك لأن إرادة الإنسان كأي نعمة اخرى عنده تنمو وتتكامل ، كلما انتفع بها الإنسان ومارسها عمليا. والصائم يمارس إرادته ضد شهواته كلما دعته الحاجة الى الطعام أو الجنس ، فيرفض تلبية هذه الدعوة بقوة إرادته.
إن كثيرا من الناس يحبون ان يصبحوا صالحين ، مؤمنين ، ملتزمين بالرغم من انهم قد لا يصرحون بذلك ، ولكن بعضا منهم يوفّق لذلك لأنه ـ وحده ـ يملك ارادة قوية ، وعلى الإنسان ان يربي إرادته ويدربها حتى يستطيع ان يقاوم بها ضغوط الشهوات ، والصيام واحد من وسائل تربية وتدريب الارادة.
[١٨٤] الصيام فرض خلال شهر واحد قد يتصوره الإنسان طويلا ، ولكنه يجده بعد الممارسة وبعد التصميم على الالتزام به قصيرا : وكذلك كل عمل يتصوره الإنسان في البدء عظيما ، ولكنه بعد ان يعزم عليه ، يصبح سهلا وخفيفا. ولذلك كان من أفضل وسائل التغلب على الحياة تهوينها ، والاستهانة بصعوباتها. وهكذا يصور لنا القرآن الصيام.
(أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ).
وهناك تسهيلات اخرى في أداء واجب الصيام منها تغيير موعد الصيام للمسافر والمريض.
(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
يصومها عن كل الأيام التي لم يصمها لمرض أو سفر. ومن التسهيلات ، إلغاء الصيام اختيارا عن كل من لا يطيق الصيام. اي يجهده ، ويستنفذ كل طاقته ، كالضعيف البنية والشيخ الكبير. آنئذ يستطيع ان يصوم أو ان يبدّل الصوم بالفدية