ان خطابات القرآن ـ تهتف بالناس كافة وتقول يا أيها الناس ـ أو بالمؤمنين جميعا. وتقول يا أيها الذين آمنوا ، وهذا يعني أن الله يريدهم أن يسمعوا كلامه. ويتفهموه. فهل نستطيع أن نزعم أنه لا يجوز التدبر فيه؟
ولا يمكن أن نقول ان الروايات تنهى عن التدبر الذي أمر به الله. بل الأكثر منطقية القول بأن الروايات نهت عن شيء ، والآية أمرت بشيء آخر ، أو أن الروايات بينت حدود التدبر التي لا يجوز التجاوز عنها.
فأي شيء نهت عنه الروايات؟
الواقع أن على الإنسان أن يتبع الحق الذي يعرفه ويدع الذي لا يعرفه ، إن الله سبحانه يقول :
«وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ* إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً» (٣٦).
وكذلك لا يجوز على الإنسان ـ في شريعة الإسلام ـ ان يقول شيئا لا يعلم به.
قال الله سبحانه :
«وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ» (١٦٩).
وقد اعتبر القرآن القول بغير علم كبيرة يعظمها الله ويستحقرها العباد،فقال تعالى :
«وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ» (١٥).
ومن هنا لا يجوز أن ننسب فكرة أو عملا لأحد ، ما لم نتأكد يقينا انتسابهما