إليه. كذلك لا يجوز تفسير كلام أي فرد إلا بعد التأكد من إرادته فعلا لما نفسره ، وإلا اعتبر ذلك نوعا من التحريف في كلامه وضربا من التهمة.
وتشتد خطورة الأمر بالنسبة الى الله العظيم ، فأي قول ينسب إليه يجب أن نتأكد بالعلم اليقين أنه قاله والا كنا قد افترينا على الله كذبا ،
«إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ» (١١٦).
وكذلك اي تفسير لكلام الله المجيد لا نعلم يقينا مطابقته للواقع يعد نوعا من الافتراء على الله. لأنه يعتبر ضربا من نسبة القول إليه دون التأكد من ذلك.
وكان في الأمة الاسلامية ـ ولم يزل ـ فريق يريدون أن يستغلوا الدين لمصالحهم الشخصية ـ أو يستخدموه لاثبات أهوائهم المضلة ـ وهكذا يبدءون بتفسير الآيات القرآنية حسب آرائهم الخاصة. إن هؤلاء ـ يريدون أن يجعلوا كتاب الله ـ تابعا لأفكارهم فيحملونها ما لا تحتمل.
وقد أراد الإسلام ـ تطويق هذا الفريق ، فجاء في الكتاب :
«هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ ـ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ. وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ. يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ» (٧) (١).
هكذا وضح القرآن نوايا هذا الفريق الفاسدة ونهى ـ بشكل قاطع ـ عن تأويل القرآن للوصول الى الأغراض الفاسدة.
__________________
(١) سنتحدث ـ بإذن الله ـ عن المحكم والمتشابه في بعض الصفحات القادمة.