وتوجيه القرآن نحو هذه السنن والقوانين يهدف أمرين :
الأول : هداية الناس إلى طريق صلاحهم والذي لا يعدو أن يكون التوفيق بين حياتهم وبين متطلبات السنن العامة.
الثاني : تعليم الناس لتلك السنن. ومن الطبيعي أن يختفي الهدف الثاني من ظاهر القرآن ، إذ أن سياق الكتاب ـ يسير باتجاه التزكية ـ مما ينبئ عن انها الهدف الوحيد الذي ينشده القرآن ولكن بالرغم من ذلك فان نظرة فاحصة تهدينا إلى البيانات العلمية التي تنطوي عليها الآيات. فمثلا في سورة الرعد نجد الآية الكريمة :
«إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ» (١١).
انها حقيقة تربوية يتعرض إليها الكتاب لتثبيت المسؤولية الشخصية في نفوس الأمّة.
وقبل هذه الآية وبعدها ـ تذكرات ـ بهذه الحقيقة.
ولكن النظرة الفاحصة تهدينا إلى وجود ما هو اشمل ـ وأوسع دلالة ـ في هذه الآية. انه القانون الاجتماعي الذي يربط بين الحضارة وبين تطوير الصفات النفسية. ويقول كلما كثر بناء قوم على هدمهم. كلما تقدمت بهم الحضارة ـ ولا يكثر البناء على الهدم على صعيد الواقع إلا بعد وجود قابلية نفسية مناسبة على صعيد الذات.
لقد جعل هذا القانون العلمي في هذه الآية وسيلة ، لتزكية الإنسان وتحميله مسئوليته الكاملة تجاه التطورات الخارجية.