(الْقَيُّومُ)
هو صيغة الكثرة من القيام ، والقيام استخدم في آيات الكتاب في معنى النظام أكثر من مرة واحدة ولأن الله حي وقيوم ، فهو الذي يجدر ان ينظم حياتنا الاجتماعية ويقوم عليها قياما ، وهذه بالذات هي فكرة هذه السورة من بدايتها الى نهايتها. إذا السورة ما هي الا ترسيخ لاسمي الحي والقيوم. وتبسيط لهما وربطهما بسائر مرافق الطبيعة والحياة.
[٣] (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ).
لأن الله حي وقيوم فانه نزّل الكتاب تنزيلا متدرجا حسب الحاجة اليه ، والكتاب لم يهبط على جبل ، بل على بشر كسائر البشر. إلا انّه بشر يتميز باتباعه للحق وتجسيده له.
والحق الذي نزل به القرآن على النبي ، هو التعبير الموجز عن التوافق بين الطبيعة وحياة الإنسان. وإنّ التشريع السليم للحياة ينبغي ان يكون متناسبا مع الطبيعية ، وخالق الطبيعة العليم بها ، ومدبر شؤونها ، والقيوم عليها ، أجدر بأن يشرّع للحياة وينظمها ، ويقوم على تسيير هذا النظام.
والتشريع الموحى في الكتاب (القرآن) قديم قدم الإنسان ذاته وقدم حاجته الى النظام ، وعلم الله هو الأخر قديم. لذلك كان كتاب الله الأخير مصدقا لكتبه الاولى. لان المشكاة التي أضاءت الحياة بالقرآن ، هي التي أعطتهم الإنجيل والتوراة. فكل هذه الأنوار آتية من مصباح واحد.
[٤] (مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ