وفي آخر الدرس ، ينسف القرآن الاسس الفكرية التي تعتمد عليها اكثرية أهل الكتاب في كفرهم ، وهي : الأموال ، والمصالح ، ثم الأولاد والطموحات ، ثم حب الخلود في الدنيا. ويبين ان كل تلك القواعد تنقلب عليهم في الاخرة ، حيث انها لا تنفعهم شيئا وان كل ما ينفقون في هذا السبيل أشبه شيء بزراعة تطوف عليها رياح هوج فتهلكها .. ان كل اتعاب الفلاح ستذهب ادراج الرياح ، بسبب ظلمه لنفسه ، وعدم اهتمامه بموقع زراعته الا يزرعها في حقل مكشوف ، كذلك الكفار كلما ينفقونه في الدنيا لا تنفعهم شيئا في الاخرة.
بينات من الآيات :
[١٠٩] بالرغم مما قد يلاحظه الناظر الساذج في أحداث الكون وبالذات الظواهر الاجتماعية فيها ، من انها ترتبط بهذا العامل أو ذاك. فانها محكومة بسنن فطرية عامة أجراها الله في الحياة ، وهو يدبرها من فوق عرشه العظيم ، ان تقدم الأمم أو تخلفها ، عزها أو ذلها ، رفاهها أو شقاءها ، ليست كل تلك الظواهر الاجتماعية صدفا عارضة ، هي أشبه شيء ببناء البيت أو زراعة الحديقة ، بل يخضع لقوانين ثابتة وضعها الله ، إذ كل الأمور مرجعها النهائي هو الله سبحانه.
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)
[١١٠] ومن هذه السنن التي أحكمها ربنا ، ودبّرها ، وأجراها في الكون ، أنّ الأمة لا تصبح خير امة ، الا إذا تحملت مسئوليتها الاجتماعية ، ذات الرؤية الواضحة بإخلاص كاف.
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)
فأنتم أمة (خير) وليس أمة شر ، وهي قد (أخرجت) حيث صنعتها الرسالة