أـ تحدث القرآن عن ذلك ، بعد ان اعطى صورة واقعية عن الهزيمة ، هي صورة الفرار عن المعركة دون نظر إلى ورائهم توغلا في حب الذات.
(إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)
وهنا كان يعالج الرسول الهزيمة في نفوسهم ، بتذكيرهم بالآخرة وضرورة التضحية ، لان أفضل علاج لحب الذات هو التذكير بالله واليوم الآخر.
ب ـ ثم بين القرآن بعد إعطاء هذه الصورة عن الهزيمة ، ان الهزيمة ذات اثار سلبية تتجاوز ساحة المعركة.
[١٥٤] المؤمن بشر ، يتعرض لعوامل الهزيمة ولكنه يتغلب عليها بفضل الايمان بالله الذي يعينه على ذاته ، ويملأ قلبه بالاطمئنان ، ومن ثم يملأ جسمه بالراحة. ذلك لأن اطمئنان القلب ينعكس على سلامة الجسم ، وقدرته على مواجهة المواقف الصعبة.
اما المنافق فلان ايمانه كان مجرد سراب يخادع نفسه به ، ويحاول ان يخدع الناس ، لذلك فان عوامل الهزيمة تؤثر في نفسيته ، ولا يشفي منها ، ولذلك فهو يتعلق بذاته ويخشى عليها ويظن بالله ظنون السوء الباطلة ويقول : نحن منهزمون لا محالة ويحتج على فكرته اليائسة بعدد القتلى ، ولكن الله يدحض حجته ، ويذكره بان الله هو الذي يقدر المستقبل ، وليس ظن المنافق المشحون بعوامل اليأس والخوف والهزيمة ، ثم ان القتلى هم الذين قدر الله لهم ان يستشهدوا لكي يتم اختيار الناس ، وتطهير قلوب المؤمنين منهم ، ولو شاء الله لمنع القتل من أيّ فرد من المؤمنين ، والله يقدر الموت بوسائل شتى ، وحتى لو لم يكن القتال مشتعلا إذا لاستشهد طائفة من المؤمنين بأسباب اخرى ، مثلا : بفعل غارات الكفار عليهم في عقور دارهم.