لأن مكانك بمعنى اثبتى ، ومنه فى الثانى قوله تعالى : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) [الصف : ١١ ـ ١٢] وقول عمر رضى الله عنه : «اتقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه» إذ معناه ليتق الله امرؤ ، ومعنى الآية الكريمة آمنوا وجاهدوا يغفر لكم والله أعلم ، والأمر مبتدأ وإن كان شرط وكان تامة بمعنى حصل ، والتقدير والأمر إن حصل وبغير متعلق بكان وافعل مضاف إليه وفلا تنصب الفاء جواب الشرط ولا ناهية وتنصب مجزوم بها وجوابه مفعول بتنصب واقبلا فعل أمر والألف فيه بدل من النون الخفيفة وجزمه مفعول باقبلا. ثم قال :
والفعل بعد الفاء فى الرّجا نصب |
|
كنصب ما إلى التّمنّى ينتسب |
يعنى أن الفعل المضارع ينتصب بأن بعد الفاء الواقعة جوابا للترجى كما ينتصب بعد الفاء الواقعة جوابا للتمنى كما سبق وإنما فصل الفاء فى هذا الموضع عن المواضع السابقة لما فيها من الخلاف أجاز النصب الفراء ومنعه الجمهور واختار المصنف مذهب الفراء وشاهده عندهما قوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ) [غافر ٣٦ ـ ٣٧] بالنصب فى قراءة حفص عن عاصم والفعل مبتدأ وخبره نصب ومفعول نصب محذوف اختصارا أى نصب المضارع وما موصولة وصلتها ينتسب وإلى التمنى متعلق بينتسب. ثم قال :
وإن على اسم خالص فعل عطف |
|
تنصبه أن ثابتا أو منحذف |
يعنى أن الفعل المضارع إذا عطف على اسم خالص انتصب بأن ويجوز حينئذ إظهارها وإضمارها وكان حقه أن يذكر هذه المسألة عند ذكر لام كى فإنها مثلها فى جواز الإظهار والإضمار وفهم من قوله وإن على اسم أنه لو عطف على فعل لم ينتصب نحو يقوم زيد ويخرج عمرو وفهم من قوله خالص أنه لو عطف على اسم غير خالص كاسم الفاعل والمفعول لم ينتصب نحو الطائر فيغضب زيد الذباب وشمل الخالص الاسم الصريح كقولك لو لا زيد ويحسن إلىّ بالنصب لهلكت ويجوز إظهار أن فتقول لو لا زيد وأن يحسن إلىّ لهلكت والمصدر كقوله :
١٨٨ ـ ولبس عباءة وتقرّ عينى |
|
أحبّ إلىّ من لبس الشفوف |
__________________
(١٨٨) البيت من الوافر ، وهو لميسون بنت بحدل فى خزانة الأدب ٨ / ٥٠٣ ، ٥٠٤ ، والدرر ٤ / ٩٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٧٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٤٤ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٤٧٧ ، وشرح شذور ـ ـ