أفرادها حوالي ٤٠٠ رجل كانوا عطارين (١) ، كما كان التجار الداريون يأتون إلى البصرة للمتاجرة ، فابن حنبل يروي بسند عن محمد «فذكر قصة فيها قال فلما قدم خير عبد الله بين ثلاثين ألفا وبين آنية من قضة ، قال فاختار الآنية قال فقدم تجار من دارين فباعهم إياها العشرة ثلاثة عشر» (٢) ، وتعود شهرة دارين بالمسك دون غيرها من المدن في ذلك الوقت إلى وقوعها في جزيرة مما جعلها تصلح لاستقبال السفن الشراعية الآتية من الهند ، بينما كانت أغلب سواحل المنطقة ضحلة لا تصلح للملاحة.
ولكن يبدو أن دارين أخذت تضعف تدريجيا بعد إنشاء البصرة التي صارت المركز الرئيسي لتجارة الهند فأدى ذلك إلى تضاؤل أهمية دارين (٣) ، كما أن الجالية الدارينية في المدينة المنورة اشتركت في موقعة الحرة ضد الأمويين الأمر الذي أغاظ يزيد الأول ففرض عليهم غرامة ثقيلة تقدر بأربعمائة ألف درهم عقابا لهم على عملهم (٤) ، ولم نعد نسمع عنهم منذ ذلك الحين شيئا في أخبار العصرين الأموي والعباسي.
التجارة البحرية : ـ
ولما كانت الطرق البحرية معرضة لكثير من الأخطار الطبيعية كالعواصف والدوامات والحيوانات البحرية أو البشرية كهجمات
__________________
(١) البلاذري / أنساب الاشراف / ج ٤ ق / ٢ / ٤٣.
(٢) المسند / ٥ / ٥٢.
(٣) العلي / التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة في القرن الأول الهجري / ٢٥٨ (الطبعة الثانية).
(٤) البلاذري / أنساب الإشراف / ج ٤ ق / ٢ / ٤٣.