لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم (١) ، ولا بد أن معظم معتنقي هذه الديانة من الفرس المقيمين في البحرين ، أما انتشارها بين العرب فتذكر المصادر دخول نفر من تميم فيها ، فقد تمجس زرارة بن عدس ، وابنه حاجب ، والأقرع بن حابس ، وأبو سود جد وكيع بن حسان (٢) ، وقيل لقيط بن زرارة (٣) ، ولا ريب أن عددهم قليل جدا ، وقد تمجس هؤلاء باتصالهم الفرس ، وباحتكاكهم بهم ، وفي دخول هذا النفر من العرب في المجوسية شك ، وربما يكون تزويرا من خصومهم. إن قلة انتشار المجوسية بين العرب ربما يعود إلى أنها ديانة قومية غير تبشيرية (٤) ، وإلى طبيعة الديانة المجوسية فهي تتعارض مع أخلاق العرب وعاداتهم وتقاليدهم ، وخاصة لما تحله من المحارم.
وقد بقي المجوس في البحرين بعد الإسلام ، يؤدون الجزية ثم انقرضت المجوسية في البحرين ولم نعد نسمع عن بيوت النار شيئا ، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها إنها ديانة عديمة الجذور في البحرين ، غريبة عن السكان ، ولم يعتقدها العرب ، ومنها ارتباطها مصيريا بالفرس المقيمين في البحرين ، وهؤلاء أسلم بعضهم ، والبعض الآخر قتل بسبب تمردهم (٥).
__________________
(١) ابو يوسف : الخراج / ٦٧ ، ١٢٩ ـ ١٣١ ، ٢٠٦ ، الشافعي : الرسالة ٤٣٠ ـ ٤٢٩ ، أبو عبيد : الاموال / ٣١ ـ ٣٣ ، ابن سعد : ١ ق ٢ / ١٩ ، ابن حنبل : المسند : ١ / ١٩١ ، البلاذري : فتوح / ٧١ ، ٧٩ ، ٨٠ ، انساب الاشراف ج ٧. ورقة ٨ ب البيهقي : السنن : ٩ / ١٩٢.
(٢) ابن قتيبة : المعارف / ٦٢١ ، انظر ابن رستة : الاعلاق النفيسة / ٢١٧ ، المطهر القدسي : البدء والتاريخ : ٤ / ٣١ ، التوحيدي : البصائر والذخائر ٢ / ٤٥.
(٣) ابن حزم : جمهرة انساب العرب : ٤٩١ ، الكامل : ١ / ٥٨٧.
(٤) جواد علي : تاريخ العرب قبل الإسلام : ٦ / ٢٨٧.
(٥) انظر الجالية الفارسية في البحرين في الفصل الثاني «السكان».