وكتاب ابن الأجدابي هذا ثالث ثلاثة كتب في الأنواء وصلت إلينا مما ألفه علماؤنا القدامى في هذا الفن. والكتابان الآخران هما :
١ ـ كتاب الأنواء لابن قتيبة المتوفى سنة ٢٧٦ (١)
٢ ـ الأزمنة والأمكنة لأبي علي المرزوقي المتوفى سنة ٤٢١ (٢).
وقد ألمعنا إلى هذين الكتابين في الصفحات السابقة ، وبينا ، في إيجاز ، قيمتهما ومكانهما بين الكتب المؤلفة في الأزمنة والأنواء. فينبغي لنا هاهنا أن نقول شيئا في قيمة كتاب ابن الأجدابي في تفصيل وفضل بيان.
وقيمة هذا الكتاب متعددة الجوانب : فيها جانب علمي ، وآخر أدبي ، وجانب ثالث لغوي ، ورابع تاريخي.
وتتجلى قيمته العلمية في بيان ما كان معروفا عند العرب في العصر الجاهلي من معارف في الأزمنة والأنواء ، ثم في بيان ما كان معروفا ومستعملا من هذا الفن في البيئة العربية بعد الإسلام إلى عصر المؤلف. وكثير من هذه الأمور التي أوردها المؤلف في كتابه ما زالت معروفة ومستعملة كذلك في أيامنا هذه ، ولا سيما الأمور التي تتصل بالسنين والشهور وفصول السنة على المذاهب المختلفة. وقد أجاد المؤلف حقا في كلامه على الشهور السريانية التي كانت شائعة مستعملة في المشرق العربي في عصر المؤلف ، وفي كلامه على ما يكون فيها من المواسم الزراعية وغيرها. وما زلنا نحن العرب نستعمل هذه الشهور في المشرق العربي إلى اليوم.
__________________
(١) طبع في حيدرآباد في الهند سنة ١٣٧٥ / ١٩٥٦.
(٢) طبع في حيدرآباد في الهند أيضا سنة ١٣٣٢.