ومقدار السّنة عند العرب اثنا عشر شهرا قمرية. وكذلك هي عند العبرانيين واليونانين. إلّا أن هؤلاء يزيدون في كلّ ثلاث سنين من سنيهم شهرا ، فتكون الثالثة من سنيهم أبدا ثلاثة عشر شهرا قمرية يسمّونها الكبيسة. وربما كانت زيادتهم لهذا الشهر في مد سنتين ، لأنهم يفعلون ذلك في كلّ تسعة عشر سنة تسع مرات (١). يفعلون ذلك في السّنة الثالثة من هذا الدور ، وفي السنة السادسة منه ، وفي السّنة الثامنة منه ، وفي السّنة الحادية عشرة ، وفي السنة الرابعة عشرة ، وفي السنة السابعة عشرة وفي السّنة (٢) التاسعة عشرة ، وهي آخر الدّور ، ثم يبتدئون دورا ثانيا ، فيفعلون فيه كما فعلوا في الدّور الذي قبله. وهذا الدّور هو الذي يسمّى بلغة الروم فيلبس (٣).
وإنما فعلوا ذلك ليستوي لهم حساب القمر مع حساب الشمس ، فتكون شهورهم ثابتة (٤) في الأزمنة غير منتقلة عن أوقاتها من الفصول الأربعة. وذلك أن السّنة إذا جعلت اثني عشر شهرا قمريّة كانت أنقص من السّنة الشمسية بأحد عشر (٥) يوما على التقريب ، فتصير شهورها لأجل ذلك دائرة في الفصول الأربعة ، غير مستقرة فيها ، يكون الشهر منها في زمن شدّة البرد ، ثم يرى بعد ذلك في زمن شدّة الحرّ.
__________________
(١) أنظر تفصيل ذلك وإيضاحه في الآثار الباقية ٥٣ ـ ٥٥.
(٢) في الأصل المخطوط : سنة ، وهو غلط.
(٣) في الأصل المخطوط : القنقلس ، ولم أدر ما هو ولم أجده في المظان التي رجعت إليها ، وأغلب الظن أنه غلط ، صوابه ما أثبتناه ، وأخذناه عن القانون المسعودي ٩٣ لأبي الريحان البيروني.
قال البيروني : «... فيسمي اليهود دور التسعة عشر محزورا. وكل دور من الأدوار المنسوبة إلى فيلبس وشيعته المذكورة في تاريخ المجسطي يشتمل على أربعة محازير فيكون سنوها ستا وسبعين ...»
وفيلبس هذا هو ملك مقدونية على الأغلب ، وهو أبو الإسكندر الكبير المقدوني.
(٤) في الأصل المخطوط : تانية ، وهو تصحيف.
(٥) في الأصل المخطوط : بإحدى عشرة ، وهو غلط