إلى مكة ، فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ، بسبب قتل ألدمر ، وجدوا الأشراف والعبيد جميعهم قد هربوا ، وجاء المشايخ والصلحاء إليهم ، وتشفعوا إليهم واستحلفوا الأمراء للشريف رميثة ، على أنه إذا جاء إلى مكة لا يؤذونه ، فحضر عند ذلك إلى مكة ، واجتمع بالأمراء ، وبذل الطاعة ، وحلفوا له ، وكسوه الخلعة السلطانية ، وولوه إمرة مكة ، وقرئ تقليده ، وأمان السلطان عز نصره ، وانفصل الحال ، وأخبره أن أخاه وأولاده والعبيد هربوا إلى اليمن ، وأقام العسكر بمكة إحدى وثلاثين يوما ، ثم توجهوا منها إلى المدينة الشريفة ، بعد أن تأخر منهم خمسون نفسا بسبب الحج ، ويعودون مع الركب ، وحصل خير كثير ، فالحمد لله لم يرق بسببهم ، محجمة دم ، ولا آذوا أحدا من الخلق.
وذكر أن المقدم على هذا العسكر ، الأمير سيف الدين أيدغمش أمير مائة مقدم ألف ، وكان فيهم أربعة أمراء ، ولم يروا فى طريقهم أحدا من العرب ولا غيرهم ، ووجدوا الأشراف والعبيد جميعهم قد هربوا. وذكر أن وصولهم إلى مكة كان فى العشر الأول من ربيع الآخر ، سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ، وأنه وصل إلى السلطان رسول من أمير مكة رميثة ، وتوجه من القاهرة فى سادس عشر جمادى الآخرة من السنة.
وذكر ابن محفوظ شيئا من خبر ولاية رميثة السادسة ، وبعض حاله فيها مع أخيه عطيفة وغير ذلك ؛ لأنه ذكر ما معناه ، أن الشريفين عطيفة ورميثة ، لما سمعا بوصول العسكر إلى مكة ، الذى مقدمه أيتمش ، ولّيا منهزمين إلى جهة اليمن ، وهرب الناس من مكة إلى نخلة وغيرها ، ودخل العسكر مكة ، فأقام بها مدة شهر ، ثم بعد ذلك سيروا للشريف رميثة أمانا ، وهو خاتم ومنديل ؛ لأنه لم يكن متهما فى قتل الأمير ـ يعنى ألدمر ـ وقالوا : ما قتله إلا مبارك بن عطيفة ، فلما أن جاءه الأمان ، تقدم إليهم فخلعوا عليه ، وأعطوه البلاد وحده دون أخيه عطيفة ، وأعطوه خيرا كثيرا ، من الدقيق والكعك والشعير والسكر ، وأعطوه أربعين ألف درهم ، وارتحلوا عنه إلى مصر.
وذكر أيضا ما معناه : أن فى سنة أربع وثلاثين ، جاء الشريف عطيفة من مصر ، ونزل أم الّدمن ، ثم جاء إلى مكة وأخذ نصف البلاد من أخيه الشريف رميثة.
فلما كان ليلة النزول من منى ، أخرجه رميثة بلا قتال ، فتوجه إلى مصر صحبة الحاج ، وأقام بها إلى أن جاء مع الحاج المصرى ، فى سنة خمس وثلاثين ، متوليا لنصف البلاد ، وأخذ ذلك بلا قتال.
وذكر أيضا ما معناه : أن رميثة وعطيفة ، كانا متوليين البلاد فى سنة ست وثلاثين ، وأن بعد مدة ، جرت بينهما وحشة ومباعدة ، فأقام الشريف عطيفة بمكة ومعه المماليك ، ورميثة بالجديد إلى شهر رمضان.