أبا لليث تغترون يحمى عرينه |
|
وتلقون جهلا أسده بثعالب |
فلا نفعتنى ألسن إن لم أنا لكم |
|
ولا أحكمتنى صادقات التجارب |
قال : وإذا الشيخ إبراهيم بن هرمة قال : فقدمت على أبى جعفر فأخبرته الخبر ، فكتب إلى عبد الصمد بن علىّ ، وقد كان سديف فى حبسه ، فأخذه فدفنه حيّا.
وذكر صاحب الأغانى شيئا من خبره وشعره ، فقال (٧) [من المتقارب] :
علام هجرت ولم تهجرى |
|
ومثلك فى الهجر لم يعذر |
قطعت حبالك من شادن |
|
أغن قطوف الخطا أحور |
الشعر لسديف مولى بنى هاشم.
أخبار سديف ونسبه
سديف بن ميمون ، مولى خزاعة ، وكان سبب ادعائه ولاء بنى هاشم ، أنه تزوج مولاة لآل أبى لهب فادعى ولاءهم ، ودخل فى جملة مواليهم على الأيام. وقيل : بل أبوه ميمون هو كان المتزوج مولاة اللهبيّين ، فولدت منه سديفا ، فلما يفع ، وقال الشعر ، وعرف بالبيان وحسن العارضة ، ادعى موالى أمه ، وغلبوا عليه.
وسديف شاعر مقلّ ، من شعراء الحجاز ، ومن مخضرمى الدولتين ، وكان شديد العصبية لبنى هاشم ، مظهرا لذلك فى أيام بنى أمية. وكان يخرج إلى حجار صفا ، فى ظاهر مكة ، يقال لها صفا السّباب ، ويخرج مولى لبنى أمية معه ، يقال له شبيب ، فيتسابان ويتشاتمان ، ويذكران المثالب والمعايب ، ويخرج معهما من سفهاء الفريقين ، من يتعصب لهذا ولهذا ، فلا يبرحون حتى تكون الجراح والشجاج ، ويخرج السلطان إليهم فيفرقهم ، ويعاقب الجناة. فلم تزل تلك العصبية بمكة ، حتى شاعت فى العامة والسّفلة فكانوا صفين يقال لهم السّديفية والشبيبية ، طول أيام بنى أمية ، ثم انقطع ذلك فى أيام بنى العباس ، وصارت العصبية بمكة فى الحنّاطين والجزارين.
أخبرنى عمر بن عبد الله بن جميل العتكىّ ، وأحمد بن عبد العزيز الجوهرى ، قالا : حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثنى فليح بن إسماعيل قال : قال سديف قصيدة يذكر فيها أمر بنى حسن بن حسن ، ومخرجهم ، وأنشدها المنصور بعد قتله محمد بن عبد الله بن حسن ، فلما أتى على هذا البيت (٨) :
يا سوءتا للقوم لا كفوا ولا |
|
إذ حاربوا كانوا من الأحرار |
__________________
(٧) انظر الأغانى ١٦ / ١٤١.
(٨) انظر الأغانى ١٦ / ١٤٣.