أفرده ابن الأثير بترجمة فى باب «زيد» قال فيها : سئل عنه النبىصلىاللهعليهوسلم فقال : «يبعث أمة وحده يوم القيامة» (١) وكان يتعبد فى الجاهلية ، ويطلب دين إبراهيم الخليل عليهالسلام ، ويوحد الله تعالى ويقول : إلهى إله إبراهيم ، ودينى دين إبراهيم الخليلعليهالسلام ، وكان يعيب على قريش ذبائحهم ، ويقول : الشاة خلقها الله تعالى ، وأنزل لها من السماء ماء وأنبت لها من الأرض ، ثم تذبحونها على غير اسم الله تعالى! إنكارا لذلك واستعظاما. وكان لا يأكل ما ذبح على النصب ، واجتمع به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بأسفل بلدح ، قبل أن يوحى إليه ، وكان يحيى الموءودة.
وذكر ابن الأثير أشياء من خبره ، منها خبر فى تطلب دين إبراهيم بالسفر له إلى البلاد ، وفيه : ومات زيد بن عمرو بن نفيل ، وأنزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ومنها خبر عن ابن إسحاق ، فى إيذاء الخطاب بن نفيل ، لزيد بن عمرو نفيل ثم قال : وتوفى زيد قبل مبعث النبى صلىاللهعليهوسلم ، فرثاه ورقة بن نوفل ، فذكر أبياتا فى رثائه.
وفى هذا القدر من خبر زيد بن عمرو كفاية ، ثم قال : أخرجه أبو عمر ـ يعنى ابن عبد البر ـ ولم يفرده بترجمة كما صنع ابن الأثير ، وإنما ذكر أشياء من خبره ، فى ترجمة ولده سعيد بن زيد ، أحد العشرة ، وأجاد فى ذلك ؛ لأنه إنما يحسن إفراده بالترجمة ، أن لو كانت له صحبة ، ولا صحبة له ، لموته قبل مبعث النبى صلىاللهعليهوسلم ، فإن الصحبة إنما تكون لمن رآه نبيا. ولكن يرجى لزيد هذا الخير ، فإن ابن عبد البر ، ذكر أن ولده سعيد بن زيد ، أتى النبىصلىاللهعليهوسلم فقال : إن زيدا كما قد رأيت وبلغك ، فاستغفر له ، قال : نعم ، فاستغفر له ، وقال : «يبعث يوم القيامة أمة وحده» انتهى.
فاستفدنا من هذا ، أن السائل للنبى صلىاللهعليهوسلم عن زيد ابنه ، وهذا لا يفهم من كلام ابن الأثير.
ومما ذكره ابن الأثير من خبره : وكان يقول : يا معشر قريش ، إياكم والزنا ، فإنه يورث الفقر.
__________________
(١) أخرجه أحمد فى المسند برقم (١٦٥١) من طريق : يزيد حدثنا المسعودى ، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة هو وزيد بن حارثة فمر بهما زيد بن عمرو بن نفيل فدعواه إلى سفرة لهما فقال : يا ابن أخى إنى لا آكل مما ذبح على النصب قال فما رئى النبى صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك أكل شيئا مما ذبح على النصب ، قال : قلت : يا رسول الله ، إن أبى كان كما قد رأيت وبلغك ولو أدركك لآمن بك واتبعك فاستغفر له ، قال : «نعم. فاستغفر له فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده».