وكان يحيى الليل بركعة يقرأ فيها القرآن كله ، وبويع بالخلافة بعد عمر بن الخطاب. وكثرت الفتوحات فى خلافته ، واتسعت الدنيا على الصحابة. حتى كانت الفرس تشترى بمائة ألف ، وكان البستان بالمدينة يباع بأربعمائة ألف. وعمرت المدينة بالخيرات والأموال ، وجبى إليها خراج الممالك ، وصار لعثمان مال عظيم ، وألف مملوك ، فنقم عليه ذلك جماعة من الأشرار ، مع ولايته الولايات الجليلة لأقاربه ، وهمّوا بعزله ، وساروا لمحاصرته ، وحصروه أياما كثيرة ، حتى منعوه أن يصلى فى المسجد ، وأن يشرب من بئر رومة ، وتسوّر عليه ثلاثة من شرارهم بيته ، فذبحوه ، والمصحف على يده ، وقطرت من دمه عليه قطرة أو قطرات ، وذلك يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذى الحجة سنة خمس وثلاثين.
وقيل قتل يوم الأربعاء ، وله تسعون سنة. وقيل ثمان وثمانون سنة. وقيل اثنتان وثمانون سنة. ودفن خفية بموضع من البقيع يقال له : حشّ كوكب (٢). وأكثر الناس فى قتله من المراثى. وكانت خلافته رضى الله عنه اثنتى عشرة سنة إلا أياما.
وكان رجلا ربعة ، ليس بالقصير ولا بالطويل ، حسن الوجه ، رقيق البشرة ، كبير اللحية والشعر ، أسمر اللون ، صخم الكراديس ، بعيد ما بين المنكبين ، يصفّر لحيته ويشد أسنانه بالذهب.
وتفرقت الكلمة بعده ، وماج الناس ، واقتتلوا ، حتى قتل من المسلمين تسعون ألفا على ما قيل ، وأخباره رضى الله عنه فى الخير كثيرة.
وكان قتله أول وهن فى الإسلام على الأمة ، بعد نبيهم صلىاللهعليهوسلم.
١٩٦٤ ـ عثمان بن على ، الأمير فخر الدين المعروف بالزنجيلىّ :
صاحب المدرسة بمكة عند باب العمرة والرباط المقابل لها. كان نائبا بعدن للسلطان
__________________
(٢) حشّ كوكب : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، ويضم أوله أيضا. والحشّ فى اللغة : البستان ، وبه سمّى المخرج حشّا لأنهم كانوا إذا أرادوا الحاجة خرجوا إلى البساتين وكوكب الذى أضيف إليه اسم رجل من الأنصار : وهو عند بقيع الغرقد ، اشتراه عثمان بن عفان ، رضى الله عنه ، وزاده فى البقيع ، ولما قتل القى فيه ثم دفن فى جنبه. انظر معجم البلدان مادة «حش».
١٩٦٤ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات فقهاء اليمن ٢٠٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ٣٠٩ ، الدارس ١ / ٥٢٦ ، الأعلاق الخطيرة ١ / ٢٢٢).