وكان أثر النار الذى أضجعوه عليه ، شديد القوة فأحرقه فمات ، يوم الجمعة مستهل شهر ربيع الأول ، وقيل ثانيه ، سنة خمس وثمانمائة ، عن ثلاث وستين سنة.
وكان كثير الشجاعة والكرم ، عالى الهمة ، قليل الحظ فى الإمرة ، وأما فى بيت روحه ، فسعده فى ذلك عظيم ، وخلّف ولدين نجيبين ، أحدهما السيد محمد ، توفى بينبع فى النصف الثانى من ذى القعدة ، سنة ست وثمانمائة ، قافلا إلى مكة ، باستدعاء السيد حسن صاحب مكة ، والآخر السيد على ، وهو بقيد الحياة. وله اعتبار كبير بين قومه.
ومن محاسن أبيه ، أنه سمح لبنى شيبة ، سدنة الكعبة المعظمة ، ما كان يأخذه منهم أمراء مكة قبله ، وذلك جانب كبير من كسوتها ، فى كل سنة ، أو خمسة آلاف درهم عوضا عن ذلك ، مع ستارة الباب ، وثوب مقام إبراهيم عليهالسلام. ومما سمح به لبعض الشعراء ، وهو الجمال محمد بن حسن بن العليف ، ثلاثون ألف درهم ، جزاء على قصيدة مدحه بها أولها:
بروج زاهرات أو مغانى
٢٢٦٦ ـ عنبسة بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى ، أبو الوليد ، ويقال أبو عثمان ، ويقال أبو عامر المكى :
روى عن أخته أم حبيبة ، وشداد بن أوس. روى عنه شهر بن حوشب ، وأبو صالح السمان ، وعمرو بن أوس الثقفى ، والمسيب بن رافع ، ومكحول ، وعطاء بن أبى رباح ، وآخرون. روى له الجماعة ، إلا البخارى.
قال خليفه بن خياط ، والليث بن سعد : حج بالناس سنة ست وأربعين ، وسنة سبع وأربعين.
وذكره مسلم فى الطبقة الثانية من تابعى أهل مكة ، وذكره ابن حبّان فى الثقات. وقال الحافظ أبو نعيم : أدرك النبى صلىاللهعليهوسلم ، ولا تصح له صحبة ، ولا رؤية. روى عنه أبو أمامة الباهلى. انتهى.
وذكر الزبير بن بكار : أن معاوية بن أبى سفيان ، كان ولّى أخاه عنبسة الطائف ، ثم عزله وولاه لأخيهما عتبة بن أبى سفيان ، فعاتب عنبسة ، معاوية بن أبى سفيان على ذلك ، فقال معاوية : يا عنبسة ، إنه عتبة بن هند ، فقال عنبسة :
__________________
٢٢٦٦ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ٥ / ٦٩ ، الجرح والتعديل ٦ / ٤٠٠).