عامود سماقي رخام عظيم ، يذكر أنّه لا يتملّك أحد من الافرنج حتّى يجلس عليه ، وهذا أمر مشهور.
وبالقرب من صور قناة عظيمة لا يعرف خبرها ، وهي من عجائب الدّنيا ، بالقرب من البحر المالح ، وماؤها عذب فوّارة ، ينبع من الأرض ، ثم يرتفع في بناء محكم قامات كثيرة ، بزخم عظيم ، فإذا انتهى إلى أعلى البناء خرج من القناة المذكورة نهر عظيم ، يزرع عليه أرز وقصب وبساتين ويدور منه طواحين ، ومعصرة وحمام ، ثم ما فاض منها دخل البحر المالح.
وبها قرية رشمون بها غابة زيتون تضرب بها الأمثال ، تسكن بها الوحوش لسعتها وغزارتها ، وعلى ذلك كله سور محكم من أيام الرّوم ، وهذا الزيتون مقطع للجند بأخباز في الحلقة المنصورة.
العمل الخامس : ولاية عكّا ، وعكّا بناها عبد الملك بن مروان ، ثمّ غلبت النّصارى عليها ، ثمّ فتحها الملك النّاصر صلاح الدين يوسف ، ثمّ غلبت عليها النصارى حتى فتحها الملك الأشرف صلاح الدين خليل بن الملك يوسف المنصور قلاوون (١١) ، وفتح صور وحيفا وعثليت ، واسكندرية ، وصيدا ، وبيروت ، وجبلة ، كل ذلك في سبعة وأربعين يوما.
وعكّا أعظم مدائن الإفرنج بالبرّ والبحر على ما نقل جماعة من الافرنج ، وهي عزيزة عليهم ، يتأسّفون عليها إلى آخر الدّهر ، وبها العمائر العجيبة ، منها كنيسة البنات ، التي تضرب بها الأمثال.
وبها عين البقر التي ورد فيها الأثر ، جاء أنّ من شرب من أربع أعين لم تمس النّار جسده : عين زمزم التي بمكّة ، وعين سلوان التي ببيت المقدس ، وعين البقر التي بعكّا ، وعين الفلوس التي ببيسان ، فلا بأس بالشرب منها ، والاغتسال منها.
وبعكّا مسجد نبي الله صالح عليهالسلام من المزارات المشهورة ،