العمل الثامن : ولاية النّاصرة ، وهي بلاد مباركة ، وأهلها منسوبين إلى الخير والدّين ، والنّاصرة بلدة قديمة عبرانيّة ، تسمّى ساعير ، وهي مذكورة في التوراة ، يقال أنّ السّيد المسيح عيسى بن مريم صلىاللهعليهوسلم ظهر منها ونشأ ونصره الحواريون بها ، ولذلك سمّيت بالنّاصرة ، وبها حمّام قديم به جرن كبير يقال إنّ عيسى عليهالسلام اغتسل منه ، والمقام الذي هو موضع البشارة لأمّه عليهاالسلام من الملك عليهالسلام ، بعيسى عليهالسلام ، يقصد للزيارة ، وبه جماعة من الرّهبان وعبّاد النّصارى يتعبّدون فيه ، وبالكنيسة التي تحت جامعها اليوم عمودان كبيران ، وقد عمل المكان زاوية للفقراء الأحمديّة فإذا حصل اجتماع ، وعمل فيه سماع للفقراء عرق العامود حتّى يظهر البلل فيه ، وللنّصارى اعتقاد في ذلك العامود كل من قصده منهم اجتهد أن يأخذ من العامود شيئا ، وأهل النّاصرة كانوا في زمن قسطنطين مفتاح دين النّصرانيّة وأساسه ، وهم في هذا الزمان رأس عشير يمن ، كما أنّ أهل كفر كنا رأس عشير قيس ، وبلاد النّاصرة قرية فرعون بلد روماني قديم لا يعرف له باني ، به مغارة مهولة معدومة في عجائب الدنيا.
حكى الأمير الذكي العارف ناصر الدّين ابن العجلوني ـ وسيأتي ذكره في ترجمته ـ أنّه دخلها وأنّه لا يعرف منتهاها طولا وعرضا وارتفاعا ، ويسمع عبرها هدير هواء ، وعلى شمال الدّاخل قبور رومانية نواويس على ما قيل أنّه فوق الألف ، وأنّهم دخلوها بمشاعل نحو ثلاثين فقطعوا نحو ميل ، ثم فزعوا من طفي المشاعل والحيرة بعد ذلك فرجعوا ، وذكر أنّهم وجدوا بها من الوطواط ما لا يحصر في مقدار الدجاج وأكبر ، وقيل أنّها تصل إلى تحت مدينة النّاصرة ومقدار ذلك بريد ، وللنّاس عنها حكايات ، ويدخل إليها من سرداب حبوا ، مقدار ثلاثة أذرع فقط.
وببلاد الناصرة قرية جيّدة بها بطّيخ أخضر يضرب به المثل بحسنه