غشوم ، وهو في الأصل عديم الدين والعقل ، تنوّع في الظّلم ، وتجاوز الحد فيه ، ولم يبق له من يردّه عن ذلك ولا ينهيه ، حتّى ألهم الله عزوجل جماعة من الصالحين أن يدعو عليه برؤيا رآها بعضهم أنّ فلانا وفلانا وسمّاهم يجتمعوا غدا يوم الأربعاء بين الظهر والعصر ، ويدعو على هذا الظالم فيستجاب فيه كما دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الأحزاب في ذلك الوقت واليوم فاستجيب له ، فدعوا فأجيبوا ، وكان الشيخ علي القرشي من الصالحين المكاشفين يقول في بيت بلك شاب لا يخرج منه ، ثمّ جاء في بعض الأيام وقال : خرج وجاء الفرج ، وكان من أسباب عزله حكاية القاضي الخضري ، وخروجه من صفد لأجله وكان لبلك فقيه من كبار الصالحين ، لمّا رأى ما هو عليه فارقه رب العالمين ، وكان دواداره سيف الدين قطلوبك ، من أهل الخير وأرباب مكارم الأخلاق ، يقضي حوائج الناس ، والفقراء ، والضعفاء ، ويفتقد المحتاجين جزاه الله خيرا ، وأعظم له أجرا ، ولمّا خرج بلك من صفد دعا الناس حين ركب ووقف بفرسه في الساحة ، وجعل يودّع الناس ويبكي ، ويقول : حاللوني فالذّنب كان لصاحبكم الاستدار ، هو منكم وناظر الديوان ، وأنا محجوب عنكم ، ولم أكن أطّلع على ما يفعلوه فبكى الناس وحاللوه ، وتوجّه بعد ما ودّعهم ، وهذا من سلامة صدورهم ، وحسن طواعتهم ، وقلة شرورهم ، فإنّ أهل المملكة الصفدية من أحسن رعية ، لا تعرف لهم شكوى ، ولا مرافعة ، ولا عارض أحد منهم حاكما ، ولا فازعه ، بل طاعة وقول معروف ، وإن ظلموا صبروا ، وإن عدل فيهم أظهروا ونشروا ، وإن أحسن إليهم مدحوا وشكروا ، ولا جرم أنّ الله عاملهم بألطافه الخفيّة ، وقلّ أن جاءهم نائب إلّا وفي قلبه الرحمة ، وكانت نيابته سنتان وأربعة شهور وخمسة وعشرون يوما.
وفي هذه السنة توفي الملك الصالح إسماعيل في يوم الأربعاء ثالث شهر ربيع الآخر ، ثمّ تسلطن أخوه الملك شعبان ، فكانت دولة الملك