الصالح ثلاث سنين وشهران ونصف ، وكانت سلطنة الملك الكامل في نهار الخميس ثاني عشرين ربيع الأول سنة ست وأربعين وسبعمائة.
ثمّ حضر بعده المقر السّيفي الحاج ملك من نيابة حمص جريدة بلا طلب (٢٣) ، نهار الخميس مستهل جمادى الأول سنة ست وأربعين وسبعمائة ، وكان رجلا صالحا عالما ورعا ، متواضعا ، كبير القدر ، جميل الذّكر ، لا يحكم إلّا بالشّرع ، وكان يأخذ الحقّ من القوي للضعيف ، فعفّى آثار بلك ومحاها ، وكشف طرائق الحق والعدل وجلاها ، وهو في غاية اللطف والدين ، يمر على العامّة فيسلّم عليهم يمينا وشمالا ، إتّباعا للسّالفين فما أحقه بقول القائل : شعر :
إذا أردتّ شريف الناس كلّهم |
|
فانظر إلى ملك في زيّ مسكين |
ذاك الذي عظمت في الناس دولته |
|
وذاك يصلح للدنيا والدين |
وله محاسن كثيرة ، ومآثر غزيرة ، وكان له ولد يسمّى بالأمير شهاب الدين ، على طريق والده ، في العفّة والدين ، والتّواضع واللين ، يقوم مع الضعفاء والمساكين ، ويتصدّق على الفقراء والمحتاجين ، ينسب إلى المكارم ، فيقصد للمغانم ، فرحم الله والده ، وأبقاه ، ودفع عنه كلّ شر ووقاه ، وكانت مدّة نيابته سبعة أشهر ، واثنان وعشرون يوما ، ثمّ طلب إلى مصر صحبة المقر السّيفي منجك فوصل إلى بعض الطريق ، وخفي خبره رحمهالله تعالى ، وذلك في ثامن وعشرين الحجّة.
ثمّ حضر للنّيابة بعده المقر السّيفي أراق من نيابة غزّة ، في نهار الخميس ، عاشر شهر صفر سنة سبع وأربعين وسبعمائة ، فأقام بصفد إلى سلخ جمادى الآخر ، فأحسن إلى الصفديين ، وأكرمهم ، لأنّه كان منهم ، تولى قبل ذلك نيابة القلعة عندهم زمانا طويلا ، وكان فيه خير وشفقة ، وبر وصدقة ، ومع عجم لسانه وانغتامه (٢٤) كان موفقا في أحكامه ، مسددا في كلامه.