برهان الدين أخو الشيخ نجم الدين ، الفاضل النّحرير ، والفقيه الكبير ، تخرّج بأخيه الشيخ نجم الدين ، واكتسب من أبيه الشيخ كمال الدين ، ثمّ رحل إلى مصر ، فلقي أعيانا ، ثمّ إلى الشام فاشتغل بها زمانا ، وجوّد في القراءة وتنمّق في الكتابة حتّى صار له خط كالدّر الثّمين ولزم ابن البصبص سبع سنين ، وكان مع فضله الجسيم ألطف من النّسيم ، ما سبق بسلام قط ، ويمشي الحيط الحيط ، والشّط الشّط ، إن رأى صحبة جاء واقترب ، وإن رأى فتنة ذهب وهرب ، عاش بالكفاف والقناعة ، ولم يكشف لأحد قناعه ، في عزوجلالة ، وخرج من الدنيا لا عليه ولا له ، وللشيخ نجم الدين ما لا يحصى من المريدين كشيخنا الرّسّام ، وغيره من الأعلام السّادات الأماثل وصدور المحافل.
ومنهم الرئيس الأكبر ، والسّراج الأنور ، ذي الحظ الأوفر ، أحد علماء المسلمين القاضي جلال الدين النّهاوندي العجمي ، أدرك الأطواد ، وألحق بالآباء والأولاد ، صاحب كيس وظرف ، وتواضع ولطف ، اشتغل ببلاد العجم ، فلمّا نبل ونجم توجّه إلى الشام للاجتماع بالأعلام ، فوصف للملك الظّاهر لمّا فتح صفد ، ففوّض إليه القضاء ، ومنحه بالصفد ، فسار فيها أحسن السّير ، وعمّر أهلها بالجبر والخير ، حتّى أتاه اليقين ولحق برب العالمين.
وكان ولده قاضي القضاة شرف الدين ، قد اشتهر بين المتصرّفين ، فقام معه لأنّ هذين البيتين واحد عن يقين ، فسار على سير والده ، وكانت حركاته كحركات والده وأسعد ، فأقام دهرا طويلا ، ولم يدّخر كثيرا ، ولا قليلا ، فغمر رعيته بالإحسان ، حتّى أتاه الحدثان ، ثمّ ذهب وكأنّه ما كان.
ثمّ نشأ له ولدان : أحدهما الشيخ علاء الدين ناظر الحسبة الشريفة ، ووكالة بيت مال المسلمين ، وعمّر طويلا ، ولم يخلّف كثيرا ولا قليلا ، كان يؤثر الانقطاع ، وينفر عن الاجتماع ، ويرضى بالقليل ، ولا يظهر منه