أن يستولي عليها ، لكن من دون نجاح ، إلى أن اعتمد على خطة زرع الشقاق بين الداوية والمسيحيين السريان في داخلها ، وكانت هذه حركة بارعة ، بحكم الحجم الصغير نسبيا للحامية الداوية ، وذلك بالمقارنة مع العدد الأكبر من العساكر المحليين والعبيد ، ذلك أنه ما لبث أن تم إقناع العدد الأكبر من السريان بترك القلعة ، بناء على وعد بالأمان ، ولذلك باتت جدوى الاستمرار بالدفاع موضع سؤال ، وأقنع هذا الداوية لإرسال سيرجندي سرياني اسمه الراهب ليون كيزليرLeon cazelier للتباحث بالاستسلام ، ذلك أنه عرف العربية ، ويبدو أنه نجح في ترتيب إخلاء القلعة ، وتأمين الصليبيين حتى الوصول إلى عكا ، ولكن حدث ـ على كل حال ـ أنه عندما باتت الأبواب مفتوحة أرسل بيبرس النساء والأطفال إلى حياة العبودية ، ومثلما حدث لأسلافهم قبل ثمانين عاما جرى إعدام الداوية ، وقال المؤرخ المعروف باسم «الداوي الصوري» ، بأن ليون امتلك معلومات جيدة عن الحوادث ، لأنه عمل ـ كما يبدو ـ في أمانة سر الداوية في الشرق ، وقد أقدم «خوفا من الموت على اقتراف هذه الخيانة» ، وقد استثير بورتشارد أوف جبل صهيون بصفد مثلما أثارته عثليت ، فقال : «هذه بحكمي خيانة مهينة بحق أجمل وأمنع جميع القلاع التي رأيتها» ، وفتحت خسارتها ليس منطقة الجليل فقط ، ولكن البلاد امتدادا حتى : عكا ، وصور ، وصيدا ، وكان هيوج رافيل مقدم الاسبتارية أقل تملقا ، حين علق بشكل لاذع بأن صفد «التي تحدث الداوية عنها كثيرا» ، لن يكون بإمكانها الصمود أكثر من ستة عشر يوما ، وانتشرت الأخبار بسرعة في الغرب ، ويقول مؤرخ سينت مارتيل أوف ليموغيزMartial of Limoges المجهول بأن خسارة صفد أقنعت الملك لويس التاسع ، أن عليه أن يجدد ميثاقه الصليبي ، ورأى ـ في الوقت نفسه ـ مؤرخ دير القديس بطرس في إيرفورت Er ـ furt في سكسونيا ، واعتقد بأن بيبرس كان قادرا على إخضاع البلاد كلها ، لأنه استولى على هذه القلعة.