تقرر لديهم ، ويرشدهم إلى ما هو خير لهم مما أهمهم من الإقبال على الله تعالى بالتوبة النصوح ، وجاء أن يحصل لهم بذلك الفتوح فإن ما حصل لهذا البيت عبرة للّبيب العاقل وحسرة على المعرض الغافل ، وتنبيه على إخلاص التوبة من المتفاضل وإزعاج للمتباطئ عن الطاعة والمتثاقل ، وآية من الله لعباده منذرة ، ومن سنة الغفلة موقظة ، ولكن ليست هذه الكائنة بأول قارورة كسرت فى الإسلام ، ولا بالأمر الذى لم يتفق ما يقرب منه فى سالف الأيام ، بل تقدم له حصول ما هو أعظم خطرا وأقوى تأثيرا أو أثرا مما أثبتنا بعضه فى هذا الكتاب ، ليعلم أن عجائب هذا الدهر متصلة الأسباب ، وليظهر أن إلمام هذا الحادث ليس هو الخراب الذى أشير إليه فى الأثر المشهور ، والخبر الغير المنكور إذ ذاك خراب على يد الفجار حيث لا يبقى إلا الأشرار ، وذلك بعد موت سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ، ورفع القرآن من الصدور بل هذا من أعظم الآيات ، وأقوى المعجزات ، الدالة على صدقه صلىاللهعليهوسلم ، حيث أخبر بسقوط هذا البيت الشريف بعده وعين عدده ، وسخن على يقين من أن حضرة سلطاننا طاول الله بعمره الأبد ، وحرسه بسر «قل هو الله أحد» ، يفوز بثواب تجديد بناء هذا البيت الشريف بغاية الإحكام ؛ وبذلك يمتاز على من تقدمه من الملوك والحكام ، وقد صار ولله الحمد عزاء المسلمين تجديده للبيت الشريف مستدركا بالهناء وتعوضوا عن كنز العنى بكنز الغنى ، وأعقبت الأيام نقصها بإتمامها ونقضها بإبرامها ، واسترجعت العبرات ما جاءت به من مزنها واستبدلت ردّ مسرتها من حرارة حزنها ، ولما أن أجملنا عليهم فى المقال ، واختصرنا لهم فى بيان الحال ، تطلبوا منا تأليفا جامعا لتفصيل هذه المباحث المقفلة ، وكتابا كاشفا عن غوامض هذه المعضلات المغلقة ، فأملينا عليهم فى هذه الصحائف ما تحار العقول فى الوصول إلى أمده ، وحققنا لهم ما فهمناه من الحكم ببركة النبى صلىاللهعليهوسلم ومدده ، من بيان أسرار درر الأحكام الشرعية والأحاديث النبوية ، وتلونا عليهم ما يزيل عنهم هذا الألم والنصب ، ويريحهم مما هم فيه من مزيد الخوف والتعب ، ليطمئن بذلك خاطرهم ويبتهج به ناظرهم ، وسميتها : «تهنئة أهل الإسلام بتجديد بيت الله الحرام» وذلك بنظر مولانا سلطان سلاطين الإسلام