وأن عبد الملك ندم على ما فعله حين شهد عنه الحارث بذلك ، وكذا لو انهدم الجانب الذى بناه الحجاج من غير صنع صانع كما فى هذه الحادثة فهل يتعين عوده لما كان عليه زمن الحجاج أو لما كان عليه زمن ابن الزبير رضى الله عنهما؟ ومن المصيب منهما هل هو سيدنا عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما أو الحجاج؟ فإن سيدنا عبد الله ابن الزبير رضى الله عنهما تمسك بالحديث الذى روته له عائشة رضى الله عنها فالحجر عنده من البيت الشريف ؛ ولهذا لا يصح عند الشافعى الطواف فيه ؛ لأن الطواف إنما هو بالبيت والطائف بالحجر طائف فى البيت لا بالبيت ، ومع هذا فقياس صحة إدخاله فى البيت ، وعدم صحة الطواف فيه أنه لو أدخل فى البيت أن يصح استقباله فى الصلاة على مذهب الشافعى مع أن الشافعى جعل للحجر حكم البيت فى عدم صحة الطواف فيه ولم يجعل له حكم البيت فى صحة استقباله فى الصلاة ، وحينئذ فما الفرق؟ وقضية مذهب الشافعى امتناع بناء البيت على ما بناه ابن الزبير من إدخال الحجر لما يلزم فى صحة الاستقبال له كما تقدم مع أنه لا يصح استقباله عنه ، ثم إن المنقول فى تاريخ الأزرقى (١) والفاسى (٢) أن الخليل جعل الحجر بكسر الحاء إلى جنب البيت عريشا من أراك تقتحمه العنز ، وكان زربا لغنم إسماعيل ، ومقتضى ذلك أن الحجر بالكسر لم يكن داخلا فى الكعبة زمن الخليل فكيف هذا مع حديث عائشة رضى الله عنها ومع ما ذكره الشامى من أن الخليل أدخل الحجر وهو سبعة أذرع فى البيت وكان قبل ذلك زربا لغنم إسماعيل ، وأما شبهة الحجاج ومن وافقه فهى أن بناء قريش أقرّه النبي صلىاللهعليهوسلم ومن بعده من الخلفاء فلا يغير ، وإذا قلتم بأن الحجاج غير مصيب وأن الحق مع ابن الزبير رضى الله عنهما فى إدخاله القدر المختلف فيه من الحجر فى البيت الشريف ، فكيف أقر النبى صلىاللهعليهوسلم فعل قريش الذى اقتدى به الحجاج مع أنه يلزم عليه التغيير فى بيت الله من جهة فتح باب فى علو جدار الكعبة وسد باب آخر و
__________________
(١) انظر أخبار مكة ١ / ٦٤
(٢) انظر شفاء الغرام ١ / ٦٠