داذينه ومنخريه وفمه ماء نتن بحيث لا يستطيع أحد أن يدنوا منه من نتن رائحته ، فقال لوزيره : اجمع العلماء والحكماء والأطباء فلم يقدروا على الجلوس عنه وعجزوا عن مداواته وقالوا : نحن نقدر على مداواة ما يعرض من أمور الأرض وهذا من السماء لا نستطيع له ردا ، ثم اشتد أمره وتفرق الناس عنه فلما أقبل الليل جاء أحد العلماء إلى وزيره فقال : إن بينى وبينك سرا فإن كان الملك يصدقنى فى حديثه عالجته فاستبشر الوزير بذلك ، وجمع بينه وبين الملك فلما خلا به قال له العالم : أيها الملك أنت نويت لهذا البيت سوءا قال : نعم فقال له العالم : أيها الملك نيتك أحدثت لك هذا الداء ورب هذا البيت عالم بالأسرار فبادر وارجع عما نويت ، فقال له الملك : قد أخرجت ذلك من قلبى ونويت لهذا البيت وأهله كله خير فلم يخرج العالم من عنده إلا وقد عافاه الله تعالى من علته فآمن بالله من ساعته ، وخلع على الكعبة سبعة أثواب ، وهو أول من كسا الكعبة ثم خرج إلى يثرب وهى بقعة فيها عين وليس لها بنيان ولا أحد فنزل على رأس العين ثم إن العلماء والحكماء أخرجوا من بينهم أربعمائة وهم أعلمهم وتبايعوا أن لا يخرجوا من يثرب إن قتلهم الملك فلما علم الملك بذلك سألهم عن الحكمة التى اقتضت إقامتهم فى هذه البلدة فقالوا : أيها الملك إن ذلك البيت وهذه البقعة يشرفان برجل يبعث آخر الزمان اسمه محمد ووصفوه ثم قالوا له : طوبى لمن أدركه وآمن به ونحن على أن ندركه أو يدركه أولادنا فلما سمع الملك بذلك هم بالمقام معهم فلم يقدر على ذلك فأمر بعمارة أربعمائة دار وأعطى كل واحد منهم جارية وأجزل عطائهم وكتب لهم كتابا وختمه بالذهب وأعطاه للعالم الذى نصحه فى شأن الكعبة وقال له : إن خرج محمد فادفعه إليه إن أدركته وإن لم تدركه فإلى أولادكم وأولادكم وكان الكتاب أما بعد يا محمد فإنى آمنت بالله وبك وبكتابك الذى ينزل عليك وأنا على دينك وسنتك وآمنت بربك وبكلما جاء من ربك من شرع الإيمان والإسلام فإن أدركتك فبها ونعمت وإن لم أدركك فاشفع لى يوم القيامة ، ولا تنسنى فإنى من أمتك الأولين وقد بايعتك قبل مجيئك وأنا على ملتك وملة