أضيع ، إذا توضأت فأتم الوضوء ، ثم صلّ صلاة امرئ مودّع يرى أنك لا تعود ، وأظهر اليأس من الناس ، فإنه غنى ، وإياك وطلب الحوائج إليهم فإنه فقر حاضر ، وإياك وكل شيء يعتذر منه.
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، ثنا أبو عمر بن حيّوية.
وحدّثنا عمي ـ رحمهالله ، لفظا ـ أنا أبو طالب بن يوسف ، أنا أبو محمّد الجوهري ـ قراءة ـ عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا أبو الحسن أحمد بن معروف ، ثنا الحسين بن الفهم ، ثنا محمّد بن سعد (١) ، أنا محمّد بن عمر الأسلمي ، حدّثني محمّد بن صالح ، عن الزّبير بن المنذر بن أبي أسيد الساعدي ، أن أبا بكر بعث إلى سعد بن عبادة أن أقبل فبايع ، فقد بايع الناس وبايع قومك ، فقال : لا والله لا أبايعكم حتى أراميكم (٢) بما في كنانتي وأقاتلكم بمن (٣) تبعني من قومي وعشيرتي ، فلما جاء الخبر إلى أبي بكر قال (٤) بشير بن سعد : يا (٥) خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنه قد أبى ولجّ وليس بمبايعكم أو يقتل ، ولن يقتل حتى يقتل معه ولده وعشيرته ، ولن يقتلوا حتى يقتل الخزرج ، ولن يقتل الخزرج حتى يقتل الأوس ، فلا تحركوه ، فقد استقام لكم الأمر فإنه ليس بضارّكم إنما هو رجل وحده ما ترك.
فقبل أبو بكر نصيحة بشير فترك سعدا ، فلما ولي عمر لقيه ذات يوم في طريق المدينة فقال : إيه يا سعد ، فقال سعد : إيه يا عمر أنت صاحب ما أنت صاحبه؟ فقال سعد : نعم ، أنا ذاك فقد أفضى إليك هذا الأمر ، كان والله صاحبك أحبّ إلينا منك ، وقد والله أصبحت كارها لجوارك ، فقال عمر : إنه من كره جوار جاره تحوّل عنه ، فقال سعد : أما إني غير مستنسئ (٦) بذلك ، وأنا متحول إلى جوار من هو خير منك ، قال : فلم يلبث إلّا قليلا حتى خرج مهاجرا إلى الشام فى أول خلافة عمر فمات بحوران.
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم ، ثنا أبو بكر الآجري ، ثنا عبد الله بن
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٦١٦.
(٢) بالأصل : «أرى منكم» والمثبت عن ابن سعد.
(٣) بالأصل : «وأقاتلكم عن بيعتي من قومي» صوبنا العبارة عن ابن سعد.
(٤) بالأصل «بن» والمثبت عن ابن سعد.
(٥) بالأصل «ثنا» والمثبت عن ابن سعد.
(٦) بالأصل : مستشير ، والمثبت عن ابن سعد.