محمّد بن جبلة ، ثنا محمّد بن إسحاق ، ثنا إسماعيل بن أبي الحارث ، ثنا أبو نصر هاشم بن القاسم ، عن مبارك بن سعيد ، عن عبد الله بن بريدة ، عن من حدثه عن جرير بن عبد الله : أنه مرّ بعمر فسأله عن سعد بن أبي وقاص : كيف تركته في ولايته؟ قال : تركته أكرم الناس مقدرة ، وأقلّهم فترة ، وهو لهم كالأم البرّة ، يجمع كما يجمع البرة (١) ، مع أنه ميمون الطائر ، مرزوق الظفر ، أشد الناس عند البأس ، وأحبّ قريش إلى الناس ، قال : فأخبرني عن الناس قال : هم كسهام الجعبة : منها القائم الرائش ، ومنها العدل الطائش ، وابن أبي وقاص ثقافها (٢) ، يغمز عضلها ، ويقيم ميلها ، والله أعلم بالسرائر يا عمر.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، ثنا السّري بن يحيى (٣) ، ثنا شعيب بن إبراهيم ، أنا سيف بن عمر ، عن المقدام بن شريح الحارثي ، عن أبيه قال : قال جرير يومئذ :
أنا جرير كنيتي أبو عمرو |
|
قد فتح (٤) الله وسعد في القصر |
فأشرف عليه سعد فقال :
وما أرجو بجيلة غير أنّي |
|
أؤمّل أجرهم يوم الحساب |
وقد لقيت خيولهم خيولا |
|
وقد وقع الفوارس في الضّراب |
وقد دلفت بعرصتهم خيول |
|
كأن زهاءها إبل جراب (٥) |
ولو جمع قعقاع بن عمرو |
|
وحمّال للجّوا في الكذاب |
هم منعوا جموعهم بطعن |
|
وضرب مثل تشقيق الإهاب |
ولو لا ذلك ألفيتم رعاعا |
|
تشلّ جموعكم شل الذئاب |
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمرو بن حيّوية ، أخبرنا أحمد بن معروف ، ثنا الحسين بن الفهم ، حدثنا محمّد بن سعد ، أنا
__________________
(١) في مختصر ابن منظور ٩ / ٢٦٦ كما تجمع الدرة.
(٢) الثقاف بكسر الثاء ، ما تسوي به الرماح.
(٣) تاريخ الطبري (ط مصر) ٣ / ٥٨٠ و ٥٧٧.
(٤) الطبري : نصر الله.
(٥) في البيت إقواء.
وفي الطبري : فيول بدل خيول.