كما بين أيلة إلى مكة ـ أو قال : صنعاء إلى المدينة ـ وأن فيه من الأباريق مثل الكواكب ، هو أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، من شرب منه لم يظمأ بعدها أبدا» [٤٥٩٤].
قال أبو سبرة : فأخذ عبيد الله بن زياد الكتاب ، فجزعت عليه ، فلقيني يحيى بن يعمر فشكوت (١) ذلك إليه ، فقال : والله لأنا أحفظ له مني لسورة من القرآن ، فحدثني به كما كان في الكتاب سواء.
وأخبرناه أبو عبد الله الفراوي ، وأبو المظفّر القشيري ، قالا : أنا أبو سعيد محمّد بن علي الخشاب ، أنبأ أبو بكر محمّد بن عبد الله ، نا أبو العباس محمّد بن عبد الرّحمن ، نا محمّد بن مشكان ، حدثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن مطر الوراق ، عن عبد الله بن بريدة الأسلمي ، قال :
شك عبيد الله بن زياد في الحوض ، وكانت فيه حرورية ، فذكر الحديث وقال فيه : فقال أبو سبرة ـ رجل من أصحاب عبيد الله ـ : فإن أباك حين انطلق وافدا إلى معاوية انطلقت معه ، فلقيت عبد الله بن عمرو بن العاص ، فحدثني من فيه إلى فيّ حديثا سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأملاه عليّ وكتبته ، قال : إني أقسمت عليك لما أعرقت هذا البرذون حتى تأتيني بالكتاب ، قال : فركبت البرذون فركضت حتى عرق فأتيته بالكتاب ، فإذا فيه : حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«ان الله يبغض الفحش والتّفحّش ، والذي نفس محمّد بيده لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش ، وسوء الجوار ، وقطيعة الأرحام ، حتى يخوّن الأمين ، ويؤتمن (٢) الخائن ، والذي نفس محمّد بيده إنّ أسلم المسلمين لمن سلم المسلمون من لسانه ويده ، وان أفضل الهجرة لمن هاجر ما نهاه الله عنه ، والذي نفس محمّد بيده إنّ مثل المؤمن كمثل اللقطة من الذهب نفخ عليها صاحبها فلم تتغير ، ولم تنقص ، والذي نفس محمّد بيده إنّ مثل المؤمن كمثل النخلة أكلت ووضعت طيبا ووقعت فلم تكسر ولم تفسد ، ألا وإن لي حوضا كما بين أيلة إلى مكة ـ أو قال صنعاء إلى المدينة ـ» وذكر الحديث [٤٥٩٥].
__________________
(١) في م : فشكرت.
(٢) بالأصل : ويأتمن. والمثبت عن م.