وسار الدمستق (الدومستيقس) الى حلب (٣٧١) ووقع الحرب على باب اليهود في اليوم الثاني من نزوله. وطالب سعد الدولة بمال الهدنة على أن يحمل للروم في كل سنة أربعمائة ألف درهم فضة نقية صرف كل عشرين درهما بدينار.
وخالف مفرج بن دغفل بن الجراح على العزيز بالله وجاهر بخلع الطاعة فسير الى الشام رشيقا العزيزي (٣٧١) فطرده عنها وهزمه. وسار ابن الجراح بعد هزيمته يريد الحجيج ليقطع عليهم الطريق عند رجوعهم ، فأنفذ العزيز مفلح الوهباني في عسكر ليلقاهم ويدفع عنهم ، فأوقع به ابن الجراح بأيلة وقتله وجميع من معه ، وعاد الحجيج الى مصر فعاود ابن الجراح الشام فلقيه رشيق الحمداني دفعة ثانية وهزمه ودخل الى البرية والتجأ الى بكجور في حمص فأجاره ، وقصد أنطاكية ملتمسا من بسيل الملك النجدة فأطلق له صلة ودفعه الى الشام والتمس من العزيز الأمان فأجابه إليه.
ولما تفرغ الروم من مشاكلهم قصدوا الى الشام سنة ٣٧١ فاضطر سعد الدولة الى تمديد الهدنة معهم معترفا لهم بالسيادة ، ومتعهدا بأداء الجزية ليتخلص من حكم الفاطميين (٣٧٣). ثم عاد فأبى أداءها ، فاستولوا على كليس وأوقعوا بجماعة من الحمدانية وحاصروا أفامية وقاتلوها أشد قتال ، وجاءوا الى حلب ، وسار قرعويه الى دير سمعان فحاصره ثلاثة أيام وفتحه بالسيف وقتل جماعة من رهبانه ، وسبى خلقا التجأوا إليه من أنطاكية ودخلوا بهم الى حلب وأشهروا بها وأنفذ الدومستيقس سرية من عسكره الى كفرطاب فأوقعت بجماعة العرب والحمدانية ، واستولى المغاربة على حصن بانياس ولم يقبل الروم بالصلح مع صاحب حلب سنة ٣٧٦ إلا على شرط أن يدفع ما تأخر عليهم من الجزية لهم ، ورحل بسيل ملك الروم الى الشام فحاصر حلب وفتح حمص وشيزر وأقام على طرابلس ، ودامت معاهدة صاحب حلب مع الروم الى حين وفاته سنة ٣٩٢. وهكذا أصبحت الدولة الحمدانية بعد عزها على عهد سيف الدولة ، ذليلة خاضعة لسلطان غيرها في عهد خلفه.