من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا الشيخ ، فمن أنت يرحمك الله؟ قال : أنا عبد الله بن سلام.
فأمّا قولهم : إني من أهل الجنّة فذلك عن رؤيا رأيتها فقصصتها على النبي صلىاللهعليهوسلم ، قلت : يا رسول الله إنّي رأيت في المنام رجلا جاءني ، فأخذ بيدي ، فانطلق بي حتى انتهينا إلى طريقين ، أحدهما عن يميني ، والأخرى عن شمالي ، فأردت أن آخذ اليسرى ، فأخذ بيدي فألحقني باليمنى ، ثم انطلق بي حتى انتهينا إلى جبل ، فأردت أن أصعد فيه ، فجعلت كلّما صعدت وقعت على استي ، فأبكي ، قال : ثم انطلق إلى عمود في رأسه حلقة ، فضربني ضربة برجله ، فإذا أنا في رأس الحلقة ، مستمسك بالحلقة ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «نامت عينك ، أما الطريق الذي أخذت يمينا وشمالا ، فإنّ اليسرى طريق أهل النار ، واليمنى طريق أهل الجنّة ، وأمّا الجبل فإنّه عمل الشهداء ، ولم تبلغه ، وأمّا العمود ، فعمود الإسلام ، وأمّا الحلقة فالعروة الوثقى ، وأما الضارب فملك الموت ، تموت وأنت مستمسك بالعروة الوثقى [ففي ذلك](١) ما يقولون» ، ثم قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله تبارك وتعالى خلق آدم عليهالسلام فقال : هذا آدم يولد له فلان ، ويولد لفلان فلان ، ولفلان فلان ، قال : ما شاء الله من ذلك ، ثم أراه الله أعمالهم وآجالهم» [٥٩٨٨].
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو (٢) عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا حمّاد بن عمرو النّصيبي ، نا زيد بن رفيع ، عن معبد الجهني ، عن يزيد بن عميرة السّكسكي ، وكان تلميذا لمعاذ بن جبل ، فلما حضرت معاذ الوفاة قعد يزيد عند رأسه يبكي ، فنظر إليه معاذ فقال : ما يبكيك؟ فقال له يزيد : أمّا والله ما أبكي لدنيا كنت أصيبها منك ، ولكني أبكي لما فاتني من العلم ، فقال له معاذ : إنّ العلم كما هو لم يذهب ، فاطلب العلم بعدي عند أربعة ، ثم سماهم ، فيهم عبد الله بن سلام الذي قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هو عاشر عشرة في الجنّة» [٥٩٨٩].
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد الخطيب ، أنا أبو منصور النهاوندي ، أنا أبو
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.
(٢) سقطت «أبو» من م.
(٣) طبقات ابن سعد ٢ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣ ونقله الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢ / ٤١٨ عن ابن سعد.