قدمت المدينة ، فجلست إلى مشيخة في مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم ، فجاء شيخ يتوكّأ على عصا له ، فقال القوم : من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا ، فقام خلف سارية ، فصلّى ركعتين ، فقمت إليه ، فقلت له : قال بعض القوم : كذا وكذا ، فقال : الجنة لله ، يدخلها من يشاء ، وإنّي رأيت على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم رؤيا ، رأيت كأن رجلا أتاني فقال لي : انطلق ، فذهبت معه ، فسلك بي منهجا عظيما ، فعرضت لي طريق عن يساري ، فأردت أن أسلكها ، فقال : إنّك لست من أهلها ، ثم عرضت لي طريق عن يميني فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل زلق ، فأخذ بيدي فدحا بي (١) فإذا أنا على ذروته ، فلم أتقارّ ولم أتماسك ، فإذا عمود من حديد في ذروته حلقة من ذهب ، فأخذ بيدي ، فدحا (٢) بي حتى أخذت بالعروة ، فقال : استمسك ، فقلت : نعم ، قال : فضرب العمود برجله ، فاستمسكت بالعروة ، فقصصتها على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «رأيت خيرا ، أمّا المنهج العظيم فالمحشر ، وأمّا الطريق التي عرضت عن يسارك فطريق أهل النار ولست من أهلها ، وأمّا الطريق التي عرضت عن يمينك فطريق أهل الجنة ، وأما الجبل الزلق فمنزل الشهداء ، وأمّا العروة التي استمسكت بها ، فعروة الإسلام ، فاستمسك بها حتى تموت» ، قال : فأنا أرجو أن أكون من أهل الجنّة ، قال : وإذا هو عبد الله بن سلام [٥٩٨٧].
وروي من وجه آخر عن خرشة :
أخبرناه أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد ، وأم المجتبى فاطمة بنت ناصر ، قالا : أنا أبو طاهر أحمد بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو (٣) العبّاس بن قتيبة ، نا حرملة ، أنا ابن وهب ، حدّثني معاوية بن صالح ، عن أبي فروة يرفع الحديث إلى خرشة بن الحر ، قال :
دخلت مسجد المدينة ، فجلست إلى حلقة من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقام شيخ منهم ، فقال القوم حين ولى : من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا الشيخ ، قال : فقمت إليه ، فأدركته ، فقلت : يا عبد الله ، إنّ القوم لما قمت آنفا قالوا :
__________________
(١) في المسند : فزجل بي.
(٢) في المسند : فزجل بي.
(٣) سقطت «أبو» من الأصل وم ، وزيادتها لازمة قياسا إلى سند مماثل.