رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا ، قال : فقلت : والله لأتبعنّه فلأعلمن مكان بيته ، قال : فاتّبعته فانطلق حتى كاد يخرج من المدينة ، قال : ثم دخل منزله ، فاستأذنت عليه ، فأذن لي ، فقال : ما حاجتك يا ابن أخي؟ قلت له : سمعت القوم يقولون لك لما قمت : من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا ، فأعجبني أن أكون معك ، فقال : الله بأهل الجنّة ، وسأحدّثك ممّ قالوا ذلك؟ إني بينا أنا نائم إذ أتاني رجل ، فقال لي : قم ، قال : فأخذ بيدي ، فانطلقت معه ، فإذا أنا بجوادّ (١) عن شمالي ، فقال : لا تأخذ (٢) فيها فإنها طرق أصحاب الشمال ، قال : وإذا أنا بجوادّ منهج عن يميني ، فقال لي : خذ هاهنا قال : فأتى بي جبلا ، فقال لي : اصعد ، قال : فجعلت إذا أردت أن أصعد خررت على استي ، فعلت ذلك مرارا ، قال : ثم انطلق بي حتى أتى بي عمودا رأسه في السماء وأسفله في الأرض ، وفي أعلاه حلقة ، فقال لي : اصعد فوق هذا ، فقلت له : كيف أصعد فوق هذا ورأسه في السماء؟ فأخذ بيدي ، فزجل بي (٣) ، فإذا أنا متعلق بالحلقة ، قال : ثم ضرب العمود فخرّ ، قال : وبقيت متعلقا بالحلقة حتى أصبحت ، قال : فأتيت النبي صلىاللهعليهوسلم فقصصته (٤) عليه ، قال : فقال : «أمّا الطرق التي رأيت عن يمينك فهي طرق أصحاب اليمين ، وأمّا الجبل فهو منازل الشهداء ولن تناله ، وأمّا العمود فهو عمود الإسلام ، وأمّا العروة فهي عروة الإسلام ، لم تزل مستمسكا به حتى تموت» ، ثم قال : «أتدري كيف خلق الله الخلق؟» ، قال : قلت : لا ، قال : «خلق الله آدم فقال : تلد فلانا وتلد فلانا ، ويلد فلان فلانا ، ويلد فلان فلانا ، أجله كذا وكذا ، وعمله كذا وكذا ، ورزقه كذا وكذا ، ثم ينفخ فيه الروح» [٥٩٨٦].
ورواه المسيّب بن رافع الكاهلي الكوفي عن خرشة.
أخبرناه أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أبو بكر أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (٥) ، حدّثني أبي ، نا حسن بن موسى وعفان ، قالا : نا حمّاد بن سلمة ، عن عصام بن بهدلة ، عن المسيّب بن رافع ، عن خرشة بن الحرّ ، قال :
__________________
(١) جمع جادة وهي الطرق.
(٢) بالأصل وم : يأخذ.
(٣) أي دفع بي ورماني (اللسان : زجل).
(٤) كذا بالأصل وم ، ولعل الصواب : فقصصتها.
(٥) مسند أحمد ٩ / ٢٠٦ رقم ٢٣٨٥١.