فكتب إليّ عبد الله بن طاهر : قد سرني ما كتبت به من ربحك عشرين ألف ألف درهم ، وتسويغ أمير المؤمنين إياك ، ذلك وأمير المؤمنين أجلّ قدرا ، وأعظم خطرا من أن يستكثر هذا من فعله ، إذ كان أهلا لما هو أكثر منه ، وليس ينبغي أن يقنع لك بهذا دون أن أضيف إليه شيئا آخر من مالي فاقبض من [غلة](١) ضياعي (٢) مائة ألف ألف درهم.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف المقرئ ، أنا الحسن بن إسماعيل المصري ، أنا أحمد بن مروان ، أنا محمّد بن عبد العزيز ، قال : أمر عبد الله بن طاهر لزائر بشيء ، فوقّع في رقعته : قد أمرنا لك بشيء هو دون قدرك في الاستحقاق ، وفوق الكفاية مع الاقتصاد.
كتب إليّ أبو نصر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ قال :
قرأت بخطّ أبي عمرو المستملي ، سمعت الحسين بن منصور يحكي عن فتيان من طلبة الحديث ، قالوا :
كنا بالشام أيام عبد الله بن طاهر ، قال : فأملقنا حتى صرنا في غير نفقة ، وكانت العلماء لا تحدّث يوم الجمعة ، فقلنا لأصحابنا يوم الجمعة : مرّوا بنا إلى الفرات نغسل هذا الشعث عنا والدنس ، فذهبنا إلى الفرات فجعلنا (٣) نغسل ثيابنا ورءوسنا ، إذ أقبل شاب بين غلالتين يتلوه خادم ، حتى وقف علينا ، فقال : من أنتم؟ قلنا : شتوت من الناس ، ونوازع بلدان ، فقال : من طلبة الحديث؟ قلنا : نعم ، فقال : ممن (٤) يقول : «الإيمان قول وعمل يزيد وينقص؟» قلنا : نعم ، قال : فما حالكم في نفقاتكم؟ قلنا : أسوأ حال ، فالتفت إلى الخادم قال : يعطون ألفا ألفا ، قال : فمرّ بنا ، فألقيت في أكمامنا ألفا ألفا ، فقلنا للخادم : من هذا؟ قال : عبد الله بن طاهر.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وابن سعيد ، قالا : نا وأبو النجم ، أنا أبو بكر الخطيب (٥) ، حدّثني الأزهري ، قال : وجدت في كتابي عن أبي نصر محمّد (٦) بن
__________________
(١) بياض بالأصل ، واللفظة استدركت عن الجليس الصالح ، وسقطت الكلمة من م والكلام فيها متصل.
(٢) عن م والجليس الصالح وبالأصل : صناعي.
(٣) بالأصل وم : «فجعل يغسل».
(٤) بالأصل وم : «من» والمثبت عن مختصر ابن منظور ١٢ / ٢٨٠.
(٥) تاريخ بغداد ٩ / ٤٨٥ ـ ٤٨٦.
(٦) بالأصل وم : «أبي نصر محمد بن أبي نصر محمد بن أحمد ..» صوبنا العبارة عن تاريخ بغداد ، وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٨٦ وفيها : محمد بن أحمد بن محمد بن موسى.