قد نذر إن رأى ابن أبي سرح أن يقتله ، فجاء عثمان وكان أخاه من الرضاعة فشفع له إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وقد أخذ الأنصاري بقائم السّيف ينتظر النبي صلىاللهعليهوسلم متى يومئ إليه أن يقتله ، فشفع له عثمان حتى تركه ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم للأنصاري : «هلا وفيت بنذرك»؟ فقال : يا رسول الله وضعت يدي على قائم السيف أنتظر متى تومئ فأقتله ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «الإيماء خيانة ، ليس لنبيّ أن يومئ» [٥٩٤٠].
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن بن محمد ، أنا الحسن بن الحسن بن أحمد بن محمد ، أنا مكي بن عبدان ، نا أحمد بن يوسف ، نا الحسن بن بشر البجلي ، نا الحكم بن عبد الملك ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال :
أمّن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعني الناس (١) يوم فتح مكة إلّا أربعة من الناس : عبد العزّى بن خطل ، ومقيس بن صبابة الكناني ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وسارة.
قال : فأمّا عبد العزّى فإنه قتل وهو آخذ بأستار الكعبة ، قال : ونذر رجل من الأنصار أن يقتل عبد الله بن سعد إذا رآه قال : وكان أخا عثمان بن عفّان من الرضاعة ، قال : فأتى به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليشفع له ، فلما بصر به الأنصاري اشتمل السيف ثم خرج في طلبه ـ يعني فوجده عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ فهاب قتله ، فجاء الأنصاري يتردّد ويكره أن يقدم عليه لأنه في حلقة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبسط النبي صلىاللهعليهوسلم يعني يده فبايعه ، قال للأنصاري : «انتظرتك أن توفي نذرك» ، قال : يا رسول الله هبتك ، أفلا أومضت ، قال : «إنه ليس لنبيّ أن يومض» [٥٩٤١].
قال : وأمّا مقيس ، فإنه كان له أخ مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقتل خطأ ، فبعث معه رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا من بني فهر ليأخذ عقله من الأنصار ، قال : فلما جمع له العقل ورجع نام الفهري ، فوثب مقيس ، فأخذ حجرا فجلد به رأسه فقتله ، ثم أقبل وهو يقول :
شفى النفس من قد بات بالقاع مسندا |
|
تضرج ثوبيه دماء الأخادع |
وكانت هموم النفس من قبل قتله |
|
تلمّ فتنسيني وطئ المضاجع |
قتلت به فهرا وغرّمت عقله |
|
سراة بني النجار أرباب فارع (٢) |
__________________
(١) «يعني الناس» استدرك على هامش الأصل.
(٢) فارع : حصن بالمدينة (معجم البلدان).