حللت به نذري وأدركت ثؤرتي (١) |
|
وكنت إلى الأوثان أول راجع |
وأمّا سارة : فإنها كانت مولاة لقريش ، فأتت لرسول (٢) الله صلىاللهعليهوسلم فشكت إليه الحاجة ، فأعطاها شيئا ثم أتاها رجل ، فبعث معها كتابا إلى أهل مكة يتقرب بذلك إليهم ليحفظ عياله ، وكان له بها عيال (٣) ، فأتى جبريل صلىاللهعليهوسلم يعني النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره بذلك ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم في إثرها عمر بن الخطاب (٤) ، وعلي بن أبي طالب ، فلحقاها في الطريق ففتشاها فلم يقدروا على شيء معها ، فأقبلا راجعين ، فقال أحدهما لصاحبه : والله ما كذبنا ولا كذّبنا ، ارجع بنا إليها ، فسلّا سيفيهما (٥) ثم قالا : لتدفعن إلينا الكتاب أو لنذيقنك الموت ، فأنكرت ثم قالت : أدفعه إليكما على أن لا تردّاني إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقبلا ذلك منها ، قال : فحلّت عقاص (٦) رأسها فأخرجت الكتاب من قرن من قرونها فدفعته فرجعا بالكتاب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدفعاه إليه ، فدعا الرجل فقال : «ما هذا الكتاب؟» قال : أخبرك يا رسول الله ، ليس من رجل ممن معك إلّا وله قوم يحفظونه في عياله ، فكتبت بهذا الكتاب ليكون في عيالي ، قال : فأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ)(٧) إلى آخر هذه الآيات.
كذا قال : سارة ، وقال غيره : أم سارة ، وهو الصواب (٨).
أخبرناه أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (٩) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، نا أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو الدمشقي ، نا الحسن بن بشر الكوفي ، نا الحكم بن عبد الملك ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، قال :
أمّن رسول الله صلىاللهعليهوسلم الناس يوم فتح مكة إلّا أربعة من الناس : عبد العزّى (١٠) بن
__________________
(١) بالأصل وم : «نوبتي» وعلى هامش الأصل : وصوابه : «ثؤرتي» وهو ما أثبتناه.
(٢) كذا بالأصل وم.
(٣) هو حاطب بن أبي بلتعة ، انظر تفاصيل خبره في سيرة ابن هشام ٤ / ٤٠ وما بعدها.
(٤) في سيرة ابن هشام : الزبير بن العوّام ، بدل عمر بن الخطاب.
(٥) عن م وبالأصل : سيفهما.
(٦) العقاص جمع عقيصة أو عقصة ، وهي الضفيرة.
(٧) سورة الممتحنة ، الآية : ١.
(٨) وقال محمد بن جعفر : إنها من مزينة ، (سيرة ابن هشام ٤ / ٤٠).
(٩) الخبر في دلائل النبوة للبيهقي ٥ / ٦٠ وما بعدها.
(١٠) عن دلائل البيهقي وبالأصل : عبد العزيز.